الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. قال : عبد في يدي رجل أقام آخر البينة أنه عبده أعتقه ، وأقام ذو اليد البينة أنه عبده ولد في ملكه فبينة المدعي أولى ; لأنها تثبت الحرية [ ص: 172 ] وبينة ذي اليد تثبت الرق فالمثبت للحرية من البينتين أولى .

( ألا ترى ) أنه لو ادعى الخارج أنه ابنه ترجحت بينته لما فيها من إثبات النسب ، والحرية فكذلك هنا تترجح بينته ; لما فيها من إثبات الولاء الذي هو مشبه بالنسب مع الحرية ، وكذلك لو أقام الخارج البينة أنه له ودبره فهو أولى لما في بينته من إثبات حق الحرية ، وقد ذكر قبل هذا بخلاف هذا ، وقد بينا وجه الروايتين ثمة ، ولو كان شهود ذي اليد شهدوا أنه أعتقه ، وهو يملكه فهو أولى من بينة الخارج على العتق ; لأن المقصود هنا إثبات الولاء على العبد والولاء كالنسب ، وإنما يثبت كل واحد منهما على العبد فلما استوت البينات في الإثبات ترجح جانب ذي اليد بيده ، وإن شهد شهود ذي اليد بالتدبير وشهود المدعي بالعتق الثابت قضيت بالعتق الثابت ; لأن فيها إبطال الرق والملك في الحال يترجح أرأيت لو كان أمة لكانت توطأ مع قيام البينة على حريتها .

وكذلك لو أقام أحد الخارجين البينة على العتق الثاني والآخر على التدبير فبينة العتق أولى بالقبول لما بينا ، ولو أقام الخارج وذو اليد كل واحد منهما البينة أن الأمة له كاتبها قضيت بها بينهما نصفان ; لأن المكاتبة ليست في يد واحد منهما بل هي في يد نفسها فتحققت المساواة بين البينتين فقضي بها بينهما فإن .

( قيل ) كان ينبغي أن يرجع إلى قولها .

( قلنا ) المكاتبة أمة ، ولا قول للأمة في تعيين مالكها بعد ما أقرت بالرق ، وإن شهد شهود أحدهما أنه دبرها ، وهو يملكها وشهود الآخر أنه كاتبها ، ويملكها فالتدبير أولى ; لأنه يثبت حق الحرية ، وهو لازم لا يحتمل الفسخ بخلاف الكتابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية