الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1459 128 - حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء بذي الحليفة فصلى بها، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يفعل ذلك.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  رجاله قد ذكروا غير مرة.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه أيضا مسلم في الحج عن يحيى بن يحيى.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، كلاهما عن أبي القاسم. وعن أبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهب، الكل عن مالك.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أناخ) بالنون والخاء المعجمة، أي: أبرك بعيره، والمعنى أنه نزل بالبطحاء الذي بذي الحليفة، وإنما قيد بهذا; لأن في مكة أيضا بطحاء، وبذي قار أيضا بطحاء، وبطحاء أزهر، فهذه أربعة، وبطحاء أزهر نزل به صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض غزواته، وبه مسجد، وهذه البطحاء المذكورة هنا يعرفها أهل المدينة بالمعرس، وأناخ بها صلى الله تعالى عليه وسلم في رجوعه من مكة إلى المدينة.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: نزوله صلى الله تعالى عليه وسلم فيها يحتمل أن يكون في الذهاب، وهو الظاهر من تصرف المصنف، ويحتمل أن يكون في الرجوع، ويؤيده حديث ابن عمر الذي بعده بلفظ: "وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي، وبات حتى أصبح" ويمكن الجمع بأنه كان يفعل الأمرين ذهابا وإيابا. انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت): قوله: "وهو الظاهر" غير ظاهر، بل الظاهر أنه كان يصلي في رجوعه; لأنه صلى الله عليه وسلم أري في النوم وهو معرس في هذه البطحاء أنه قيل له: إنك ببطحاء مباركة، فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيها تبركا بها، ويجعلها عند رجوعه من مكة موضع مبيته؛ ليبكر منها إلى المدينة، ويدخلها في صدر النهار، وتتقدم أخبار القادمين على أهليهم فتتهيأ المرأة، وهو في معنى كراهية الطروق ليلا من السفر، ثم هذه الصلاة ليست الصلاة التي تصلى وقت الإحرام; لأن الذي يصلى وقت الإحرام سنة، وهذه الصلاة مستحبة.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عبد البر هذا عن مالك وغيره من أهل العلم: مستحب مستحسن مرغب فيه، وليس بسنة من سنن الحج ولا المناسك التي تجب بها على تاركها فدية أو دم، ولكنه حسن عند جميعهم إلا ابن عمر، فإنه جعله سنة.

                                                                                                                                                                                  وقال النووي: قال أصحابنا: لو ترك هذه الصلاة فاتته الفضيلة، ولا إثم عليه.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية