[ ص: 157 ] ما أجمع الفقهاء عليه من مسائل القياس ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : الفقهاء من عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا وهلم جرا استعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام في أمر دينهم ، قال : وأجمعوا بأن نظير الحق حق ، ونظير الباطل باطل ; فلا يجوز لأحد
nindex.php?page=treesubj&link=21706_21700إنكار القياس ; لأنه التشبيه بالأمور والتمثيل عليها .
قال
أبو عمر بعد حكاية ذلك عنه : ومن
nindex.php?page=treesubj&link=3447_17145_17144_21705_10503_10389القياس المجمع عليه صيد ما عدا المكلب من الجوارح قياسا على الكلاب ، بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=4وما علمتم من الجوارح مكلبين } .
وقال - عز وجل - : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات } ، فدخل في ذلك المحصنون قياسا ، وكذلك قوله في الإماء : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } ، فدخل في ذلك العبد قياسا عند الجمهور ، إلا من شذ ممن لا يكاد قوله خلافا ، وقال في جزاء الصيد المقتول في الإحرام : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن قتله منكم متعمدا } . فدخل فيه قتل الخطأ قياسا عند الجمهور إلا من شذ ; وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } ، فدخل في ذلك الكتابيات قياسا ، وقال في الشهادة في المداينات : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء } ، فدخل في معنى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى } ، قياسا المواريث والودائع والغصوب وسائر الأموال .
وأجمعوا على توريث البنتين الثلثين قياسا على الأختين ، وقال عمن أعسر بما بقي عليه من الربا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ، فدخل في ذلك كل معسر بدين حلال ، وثبت ذلك قياسا .
ومن هذا الباب توريث الذكر ضعفي ميراث الأنثى منفردا ، وإنما ورد النص في اجتماعهما بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } ، وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين } .
ومن هذا الباب أيضا قياس التظاهر بالبنت على التظاهر بالأم ، وقياس الرقبة في الظهار على الرقبة في القتل بشرط الإيمان ، وقياس تحريم الأختين وسائر القرابات من الإماء على الحرائر في الجمع في التسري ، قال : وهذا لو تقصيته لطال به الكتاب .
[ جواب نفاة القياس ، ورده ]
قلت : بعض هذه المسائل فيها نزاع ، وبعضها لا يعرف فيها نزاع بين السلف ، وقد
[ ص: 158 ] رام بعض نفاة القياس إدخال هذه المسائل المجمع عليها في العمومات اللفظية ; فأدخل قذف الرجال في قذف المحصنات ، وجعل المحصنات صفة للفروج لا للنساء ، وأدخل صيد الجوارح كلها في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=4وما علمتم من الجوارح } ، وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=4مكلبين } ، وإن كان من لفظ الكلب فمعناه مغرين لها على الصيد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد والحسن ، وهو رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقال
أبو سليمان الدمشقي : مكلبين معناه معلمين ، وإنما قيل لهم مكلبين ; لأن الغالب من صيدهم إنما يكون بالكلاب وهؤلاء وإن أمكنهم ذلك في بعض المسائل كما جزموا بتحريم أجزاء الخنزير لدخوله في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145فإنه رجس } ، وأعادوا الضمير إلى المضاف إليه دون المضاف ، فلا يمكنهم ذلك في كثير من المواضع ، وهم مضطرون فيها - ولا بد - إلى القياس ، أو القول بما لم يقل به غيرهم ممن تقدمهم ، فلا يعلم أحد من أئمة الفتوى يقول في {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1756قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن فأرة وقعت في سمن ألقوها وما حولها وكلوه } ، إن ذلك مختص بالسمن دون سائر الأدهان والمائعات ، هذا مما يقطع بأن الصحابة والتابعين وأئمة الفتيا لا يفرقون فيه بين السمن والزيت والشيرج والدبس ; كما لا يفرق بين الفأرة والهرة في ذلك ، وكذلك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38164نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر } ، لا يفرق عالم يفهم عن الله ورسوله بين ذلك وبين بيع العنب بالزبيب ، ومن هذا أن الله - سبحانه - قال في المطلقة ثلاثا {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله } ، أي إن طلقها الثاني فلا جناح عليها وعلى الزوج الأول أن يتراجعا والمراد به تجديد العقد ، وليس ذلك مختصا بالصورة التي يطلق فيها الثاني فقط ، بل متى تفارقا بموت أو خلع أو فسخ أو طلاق حلت للأول ، قياسا على الطلاق .
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29900لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تشربوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة } ، وقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14232الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم } ، وهذا التحريم لا يختص بالأكل والشرب ، بل يعم سائر وجوه الانتفاع ، فلا يحل له أن يغتسل بها ، ولا يتوضأ بها ، ولا يدهن فيها ، ولا يكتحل منها ، وهذا أمر لا يشك فيه عالم ; ومن ذلك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38741نهي النبي صلى الله عليه وسلم المحرم عن لبس القميص والسراويل والعمامة والخفين } ، ولا يختص ذلك بهذه الأشياء فقط ، بل يتعدى النهي إلى الجباب والدلوق والمبطنات والفراجي والأقبية والعرقشينات ، وإلى القبع والطاقية والكوفية والكلوثة والطيلسان والقلنسوة ، وإلى الجوربين والجرموقين والزربول ذي الساق ، وإلى التبان ونحوه .
[ ص: 159 ] ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9987إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار } ، فلو ذهب معه بخرقة وتنظف أكثر من الأحجار أو قطن أو صوف أو خز ونحو ذلك جاز ، وليس للشارع غرض في غير التنظيف والإزالة ، فما كان أبلغ في ذلك كان مثل الأحجار في الجواز [ بل ] أولى .
ومن ذلك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4514أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الرجل على بيع أخيه أو يخطب على خطبته } ، ومعلوم أن المفسدة التي نهى عنها في البيع والخطبة موجودة في الإجارة ، فلا يحل له أن يؤجر على إجارته ، وإن قدر دخول الإجارة في لفظ البيع العام ، وهو بيع المنافع ، فحقيقتها غير حقيقة البيع ، وأحكامها غير أحكامه .
ومن ذلك قوله - سبحانه - في آية التيمم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } . فألحقت الأمة أنواع الحدث الأصغر على اختلافها في نقضها الغائط ، والآية لم تنص من أنواع الحدث الأصغر إلا عليه وعلى اللمس على قول من فسره بما دون الجماع ، وألحقت الاحتلام بملامسة النساء ، وألحقت واجد ثمن الماء بواجده ، وألحقت من خاف على نفسه أو بهائمه من العطش إذا توضأ بالعادم ; فجوزت له التيمم وهو واجد للماء ، وألحقت من خشي المرض وأمثالها في العمومات المعنوية التي لا يستريب من له فهم عن الله ورسوله في قصد عمومها . وتعليق الحكم به وكونه متعلقا بمصلحة العبد أولى من إدخالها في عمومات لفظية بعيدة التناول لها ليست بحرية الفهم مما لا ينكر تناول العمومين لها ; فمن الناس من يتنبه لهذا ، ومنهم من يتنبه لهذا ، ومنهم من يتفطن لتناول العمومين لها .
ومن ذلك قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة } . وقاست الأمة الرهن في الحضر على الرهن في السفر ، والرهن مع وجود الكاتب على الرهن مع عدمه ، فإن استدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه في الحضر ; فلا عموم في ذلك ; فإنما رهنها على شعير استقرضه من يهودي ، فلا بد من القياس إما على الآية وإما على السنة ; ومن ذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب لما باع خمر
أهل الذمة وأخذه في العشور التي عليهم فبلغ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقال : قاتل الله
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة ، أما علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32423لعن الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها } ، وهذا محض القياس من
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ; فإن تحريم الشحوم على اليهود كتحريم الخمر على المسلمين ، وكما يحرم ثمن الشحوم المحرمة فكذلك يحرم ثمن الخمر الحرام .
[ ص: 160 ] ومن ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم جعلوا العبد على النصف من الحر في النكاح والطلاق والعدة قياسا على ما نص الله عليه من قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار عن
عبد الله بن عتبة بن مسعود عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ينكح العبد اثنتين
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج قالا : ثنا
جعفر بن محمد عن أبيه أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه في الجنة - قال : ينكح العبد اثنتين . وذكر الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال : سأل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب الناس : كم يتزوج العبد ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف : ثنتين ، وطلاقه ثنتان ، وهذا كان بمحضر من الصحابة فلم ينكره أحد .
وقال
محمد بن عبد السلام الخشني : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15164عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث بن أبي سليم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قال : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العبد لا يجمع بين النساء فوق اثنتين .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
عمرو بن دينار عن
عمرو بن أوس أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : لو أستطيع أن أجعل عدة الأمة حيضة ونصفا لفعلت ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين فاجعلها شهرا ونصفا ، فسكت .
وقال
عبد الله بن عتبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : عدة الأمة إذا لم تحض شهران كعدتها إذا حاضت حيضتين . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار عن
عبد الله بن عتبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ينكح العبد امرأتين ، ويطلق طلقتين ، وتعتد الأمة حيضتين ، وإن لم تكن تحيض فشهرين أو شهرا ونصفا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : عدة الأمة حيضتان ، فإن لم تكن تحيض فشهر ونصف .
والمقصود أن الصحابة رضي الله عنهم نصفوا ذلك قياسا على تنصيف الله - سبحانه - الحد على الأمة .
ومن ذلك أن الصحابة قدموا
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق في الخلافة وقالوا : رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ، أفلا نرضاه لدنيانا ؟ فقاسوا الإمامة الكبرى على إمامة الصلاة ، وكذلك اتفاقهم على
[ ص: 161 ] كتابة المصحف وجمع القرآن فيه ، وكذلك اتفاقهم على جمع الناس على مصحف واحد وترتيب واحد وحرف واحد ، وكذلك منع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي من بيع أمهات الأولاد برأيهما ، وكذلك تسوية
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق بين الناس في العطاء برأيه ، وتفضيل عمل برأيه ، وكذلك إلحاق
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر حد الخمر بحد القذف برأيه ، وأقره الصحابة ، وكذلك توريث
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان رضي الله عنه المبتوتة في مرض الموت برأيه ، ووافقه الصحابة ، كذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38745نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه } ، قال : أحسب كل شيء بمنزلة الطعام ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد لما ورثا الأم ثلث ما بقي في مسألة زوج وأبوين وامرأة وأبوين قاسا وجود الزوج على ما إذا لم يكن زوج ; فإنه حينئذ يكون للأب ضعف ما للأم ، فقدرا أن الباقي بعد الزوج والزوجة كل المال ، وهذا من أحسن القياس ; فإن قاعدة الفرائض أن الذكر والأنثى إذا اجتمعا وكانا في درجة واحدة فإما أن يأخذ الذكر ضعف ما تأخذه الأنثى كالأولاد وبني الأب ، وإما أن تساويه كولد الأم ، وأما أن الأنثى تأخذ ضعف ما يأخذ الذكر مع مساواته لها في درجته فلا عهد به في الشريعة ، فهذا من أحسن الفهم عن الله ورسوله ، وكذلك أخذ الصحابة في الفرائض بالعول وإدخال النقص على جميع ذوي الفروض قياسا على إدخال النقص على الغرماء إذا ضاق مال المفلس عن توفيتهم ، وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18288قال النبي صلى الله عليه وسلم للغرماء : خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلا ذلك } ، وهذا محض العدل ، على أن تخصيص بعض المستحقين بالحرمان وتوفية بعضهم بأخذ نصيبه ليس من العدل .
[ ص: 157 ] مَا أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ مِنْ مَسَائِلِ الْقِيَاسِ ]
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15215الْمُزَنِيّ : الْفُقَهَاءُ مِنْ عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى يَوْمِنَا وَهَلُمَّ جَرًّا اسْتَعْمَلُوا الْمَقَايِيسَ فِي الْفِقْهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فِي أَمْرِ دَيْنِهِمْ ، قَالَ : وَأَجْمَعُوا بِأَنَّ نَظِيرَ الْحَقِّ حَقٌّ ، وَنَظِيرَ الْبَاطِلِ بَاطِلٌ ; فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ
nindex.php?page=treesubj&link=21706_21700إنْكَارُ الْقِيَاسِ ; لِأَنَّهُ التَّشْبِيهُ بِالْأُمُورِ وَالتَّمْثِيلُ عَلَيْهَا .
قَالَ
أَبُو عُمَرَ بَعْدَ حِكَايَةِ ذَلِكَ عَنْهُ : وَمِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3447_17145_17144_21705_10503_10389الْقِيَاسِ الْمَجْمَعِ عَلَيْهِ صَيْدٌ مَا عَدَا الْمُكَلَّبَ مِنْ الْجَوَارِحِ قِيَاسًا عَلَى الْكِلَابِ ، بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=4وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } .
وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمُحْصَنُونَ قِيَاسًا ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْإِمَاءِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ } ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ قِيَاسًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، إلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يَكَادُ قَوْلُهُ خِلَافًا ، وَقَالَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ فِي الْإِحْرَامِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمِنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا } . فَدَخَلَ فِيهِ قَتْلُ الْخَطَأِ قِيَاسًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ إلَّا مَنْ شَذَّ ; وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِيَّاتُ قِيَاسًا ، وَقَالَ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْمُدَايَنَاتِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ } ، فَدَخَلَ فِي مَعْنَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } ، قِيَاسًا الْمَوَارِيثُ وَالْوَدَائِعُ وَالْغُصُوبُ وَسَائِرُ الْأَمْوَالِ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى تَوْرِيثِ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْأُخْتَيْنِ ، وَقَالَ عَمَّنْ أَعْسَرَ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّبَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ كُلُّ مُعْسِرٍ بِدَيْنٍ حَلَالٍ ، وَثَبَتَ ذَلِكَ قِيَاسًا .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ تَوْرِيثُ الذَّكَرِ ضِعْفَيْ مِيرَاثِ الْأُنْثَى مُنْفَرِدًا ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّصُّ فِي اجْتِمَاعِهِمَا بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } ، وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا قِيَاسُ التَّظَاهُرِ بِالْبِنْتِ عَلَى التَّظَاهُرِ بِالْأُمِّ ، وَقِيَاسُ الرَّقَبَةِ فِي الظِّهَارِ عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْقَتْلِ بِشَرْطِ الْإِيمَانِ ، وَقِيَاسُ تَحْرِيمِ الْأُخْتَيْنِ وَسَائِرِ الْقَرَابَاتِ مِنْ الْإِمَاءِ عَلَى الْحَرَائِرِ فِي الْجَمْعِ فِي التَّسَرِّي ، قَالَ : وَهَذَا لَوْ تَقَصَّيْتُهُ لَطَالَ بِهِ الْكِتَابُ .
[ جَوَابُ نُفَاةِ الْقِيَاسِ ، وَرَدُّهُ ]
قُلْتُ : بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيهَا نِزَاعٌ ، وَبَعْضُهَا لَا يُعْرَفُ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ السَّلَفِ ، وَقَدْ
[ ص: 158 ] رَامَ بَعْضُ نُفَاةِ الْقِيَاسِ إدْخَالَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي الْعُمُومَاتِ اللَّفْظِيَّةِ ; فَأَدْخَلَ قَذْفَ الرِّجَالِ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ ، وَجَعَلَ الْمُحْصَنَاتِ صِفَةً لِلْفُرُوجِ لَا لِلنِّسَاءِ ، وَأَدْخَلَ صَيْدَ الْجَوَارِحِ كُلِّهَا فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=4وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ } ، وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=4مُكَلِّبِينَ } ، وَإِنْ كَانَ مِنْ لَفْظِ الْكَلْبِ فَمَعْنَاهُ مُغْرِينَ لَهَا عَلَى الصَّيْدِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَقَالَ
أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ : مُكَلِّبِينَ مَعْنَاهُ مُعَلَّمِينَ ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ مُكَلِّبِينَ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ صَيْدِهِمْ إنَّمَا يَكُونُ بِالْكِلَابِ وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَمَا جَزَمُوا بِتَحْرِيمِ أَجْزَاءِ الْخِنْزِيرِ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145فَإِنَّهُ رِجْسٌ } ، وَأَعَادُوا الضَّمِيرَ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ دُونَ الْمُضَافِ ، فَلَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ ، وَهُمْ مُضْطَرُّونَ فِيهَا - وَلَا بُدَّ - إلَى الْقِيَاسِ ، أَوْ الْقَوْلِ بِمَا لَمْ يَقُلْ بِهِ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُمْ ، فَلَا يُعْلَمُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى يَقُولُ فِي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1756قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ } ، إنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالسَّمْنِ دُونَ سَائِرِ الْأَدْهَانِ وَالْمَائِعَاتِ ، هَذَا مِمَّا يَقْطَعُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةَ الْفَتِيَّا لَا يُفَرِّقُونَ فِيهِ بَيْنَ السَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَالدِّبْسِ ; كَمَا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَأْرَةِ وَالْهِرَّةِ فِي ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38164نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ } ، لَا يُفَرِّقُ عَالِمٌ يَفْهَمُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ ، وَمِنْ هَذَا أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - قَالَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ } ، أَيْ إنْ طَلَّقَهَا الثَّانِيَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهَا وَعَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَنْ يَتَرَاجَعَا وَالْمُرَادُ بِهِ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِالصُّورَةِ الَّتِي يُطْلَقُ فِيهَا الثَّانِي فَقَطْ ، بَلْ مَتَى تَفَارَقَا بِمَوْتٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ ، قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29900لَا تَأْكُلُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ } ، وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14232الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ } ، وَهَذَا التَّحْرِيمُ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، بَلْ يَعُمُّ سَائِرَ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ بِهَا ، وَلَا يَتَوَضَّأَ بِهَا ، وَلَا يَدَّهِنَ فِيهَا ، وَلَا يَكْتَحِلَ مِنْهَا ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَشُكُّ فِيهِ عَالِمٌ ; وَمِنْ ذَلِكَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38741نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْرِمَ عَنْ لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْعِمَامَةِ وَالْخُفَّيْنِ } ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَقَطْ ، بَلْ يَتَعَدَّى النَّهْيُ إلَى الْجِبَابِ وَالدُّلُوقِ وَالْمُبَطَّنَاتِ وَالْفَرَّاجِي وَالْأَقْبِيَةِ والعرقشينات ، وَإِلَى الْقُبَعِ وَالطَّاقِيَّةِ وَالْكُوفِيَّةِ والكلوثة وَالطَّيْلَسَانِ وَالْقَلَنْسُوَةِ ، وَإِلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْجُرْمُوقَيْنِ والزربول ذِي السَّاقِ ، وَإِلَى التُّبَّانِ وَنَحْوِهِ .
[ ص: 159 ] وَمِنْ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9987إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ } ، فَلَوْ ذَهَبَ مَعَهُ بِخِرْقَةٍ وَتَنَظَّفَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَحْجَارِ أَوْ قُطْنٌ أَوْ صُوفٌ أَوْ خَزٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ جَازَ ، وَلَيْسَ لِلشَّارِعِ غَرَضٌ فِي غَيْرِ التَّنْظِيفِ وَالْإِزَالَةِ ، فَمَا كَانَ أَبْلَغَ فِي ذَلِكَ كَانَ مِثْلَ الْأَحْجَارِ فِي الْجَوَازِ [ بَلْ ] أَوْلَى .
وَمِنْ ذَلِكَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4514أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ أَوْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَتِهِ } ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الَّتِي نَهَى عَنْهَا فِي الْبَيْعِ وَالْخِطْبَةِ مَوْجُودَةٌ فِي الْإِجَارَةِ ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ عَلَى إجَارَتِهِ ، وَإِنْ قُدِّرَ دُخُولُ الْإِجَارَةِ فِي لَفْظِ الْبَيْعِ الْعَامِّ ، وَهُوَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ ، فَحَقِيقَتُهَا غَيْرُ حَقِيقَةِ الْبَيْعِ ، وَأَحْكَامُهَا غَيْرُ أَحْكَامِهِ .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ - فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } . فَأَلْحَقَتْ الْأُمَّةُ أَنْوَاعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي نَقْضِهَا الْغَائِطَ ، وَالْآيَةُ لَمْ تَنُصَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ إلَّا عَلَيْهِ وَعَلَى اللَّمْسِ عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَهُ بِمَا دُونَ الْجِمَاعِ ، وَأَلْحَقَتْ الِاحْتِلَامَ بِمُلَامَسَةِ النِّسَاءِ ، وَأَلْحَقَتْ وَاجِدَ ثَمَنِ الْمَاءِ بِوَاجِدِهِ ، وَأَلْحَقَتْ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بَهَائِمِهِ مِنْ الْعَطَشِ إذَا تَوَضَّأَ بِالْعَادِمِ ; فَجَوَّزَتْ لَهُ التَّيَمُّمَ وَهُوَ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ ، وَأَلْحَقَتْ مَنْ خَشِيَ الْمَرَضَ وَأَمْثَالَهَا فِي الْعُمُومَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ الَّتِي لَا يَسْتَرِيبُ مَنْ لَهُ فَهْمٌ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي قَصْدِ عُمُومِهَا . وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِهِ وَكَوْنُهُ مُتَعَلِّقًا بِمَصْلَحَةِ الْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ إدْخَالِهَا فِي عُمُومَاتٍ لَفْظِيَّةٍ بَعِيدَةِ التَّنَاوُلِ لَهَا لَيْسَتْ بِحُرِّيَّةِ الْفَهْمِ مِمَّا لَا يُنْكِرُ تَنَاوُلَ الْعُمُومَيْنِ لَهَا ; فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَنَبَّهُ لِهَذَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَنَبَّهُ لِهَذَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَفَطَّنُ لِتَنَاوُلِ الْعُمُومَيْنِ لَهَا .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } . وَقَاسَتْ الْأُمَّةُ الرَّهْنَ فِي الْحَضَرِ عَلَى الرَّهْنِ فِي السَّفَرِ ، وَالرَّهْنَ مَعَ وُجُودِ الْكَاتِبِ عَلَى الرَّهْنِ مَعَ عَدَمِهِ ، فَإِنْ اُسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهَنَ دِرْعَهُ فِي الْحَضَرِ ; فَلَا عُمُومَ فِي ذَلِكَ ; فَإِنَّمَا رَهَنَهَا عَلَى شَعِيرٍ اسْتَقْرَضَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْقِيَاسِ إمَّا عَلَى الْآيَةِ وَإِمَّا عَلَى السُّنَّةِ ; وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=24سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ لَمَّا بَاعَ خَمْرَ
أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَخَذَهُ فِي الْعُشُورِ الَّتِي عَلَيْهِمْ فَبَلَغَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فَقَالَ : قَاتَلَ اللَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=24سَمُرَةَ ، أَمَا عَلِمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32423لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا وَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا } ، وَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ; فَإِنَّ تَحْرِيمَ الشُّحُومِ عَلَى الْيَهُودِ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَكَمَا يَحْرُمُ ثَمَنُ الشُّحُومِ الْمُحَرَّمَةِ فَكَذَلِكَ يَحْرُمُ ثَمَنُ الْخَمْرِ الْحَرَامِ .
[ ص: 160 ] وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ جَعَلُوا الْعَبْدَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَا نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ } ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16049سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : يَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَنْبَأْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ قَالَا : ثنا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فِي الْجَنَّةِ - قَالَ : يَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ . وَذَكَرَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : سَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ : كَمْ يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : ثِنْتَيْنِ ، وَطَلَاقُهُ ثِنْتَانِ ، وَهَذَا كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15164عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16861لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ قَالَ : أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ النِّسَاءِ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15743حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ قَالَ : لَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَجْعَلَ عِدَّةَ الْأَمَةِ حَيْضَةً وَنِصْفًا لَفَعَلْتُ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاجْعَلْهَا شَهْرًا وَنِصْفًا ، فَسَكَتَ .
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ : عِدَّةُ الْأَمَةِ إذَا لَمْ تَحِضْ شَهْرَانِ كَعِدَّتِهَا إذَا حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16049سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ : يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ ، وَيُطَلِّقُ طَلْقَتَيْنِ ، وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا وَنِصْفًا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ : عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرٌ وَنِصْفٌ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ نَصَّفُوا ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى تَنْصِيفِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - الْحَدَّ عَلَى الْأَمَةِ .
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَدَّمُوا
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقَ فِي الْخِلَافَةِ وَقَالُوا : رَضِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدِينِنَا ، أَفَلَا نَرْضَاهُ لِدُنْيَانَا ؟ فَقَاسُوا الْإِمَامَةَ الْكُبْرَى عَلَى إمَامَةِ الصَّلَاةِ ، وَكَذَلِكَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى
[ ص: 161 ] كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ وَجَمْعِ الْقُرْآنِ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى جَمْعِ النَّاسِ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ وَتَرْتِيبٍ وَاحِدٍ وَحَرْفٍ وَاحِدٍ ، وَكَذَلِكَ مَنْعُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٍّ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِرَأْيِهِمَا ، وَكَذَلِكَ تَسْوِيَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْعَطَاءِ بِرَأْيِهِ ، وَتَفْضِيلُ عَمَلٍ بِرَأْيِهِ ، وَكَذَلِكَ إلْحَاقُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ حَدَّ الْخَمْرِ بِحَدِّ الْقَذْفِ بِرَأْيِهِ ، وَأَقَرَّهُ الصَّحَابَةُ ، وَكَذَلِكَ تَوْرِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَبْتُوتَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ بِرَأْيِهِ ، وَوَافَقَهُ الصَّحَابَةُ ، كَذَلِكَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38745نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ } ، قَالَ : أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدٌ لَمَّا وَرَّثَا الْأُمَّ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَامْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ قَاسَا وُجُودَ الزَّوْجِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ ; فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْأَبِ ضِعْفُ مَا لِلْأُمِّ ، فَقَدَّرَا أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كُلُّ الْمَالِ ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْقِيَاسِ ; فَإِنَّ قَاعِدَةَ الْفَرَائِضِ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى إذَا اجْتَمَعَا وَكَانَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الذَّكَرُ ضِعْفَ مَا تَأْخُذُهُ الْأُنْثَى كَالْأَوْلَادِ وَبَنِي الْأَبِ ، وَإِمَّا أَنْ تُسَاوِيَهُ كَوَلَدِ الْأُمِّ ، وَأَمَّا أَنَّ الْأُنْثَى تَأْخُذُ ضِعْفَ مَا يَأْخُذُ الذَّكَرُ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهَا فِي دَرَجَتِهِ فَلَا عَهْدَ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ ، فَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْفَهْمِ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ الصَّحَابَةُ فِي الْفَرَائِضِ بِالْعَوْلِ وَإِدْخَالُ النَّقْصِ عَلَى جَمِيعِ ذَوِي الْفُرُوضِ قِيَاسًا عَلَى إدْخَالِ النَّقْصِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا ضَاقَ مَالُ الْمُفْلِسِ عَنْ تَوْفِيَتِهِمْ ، وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18288قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْغُرَمَاءِ : خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ ، وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ } ، وَهَذَا مَحْضُ الْعَدْلِ ، عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ بَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالْحِرْمَانِ وَتَوْفِيَةَ بَعْضِهِمْ بِأَخْذِ نَصِيبِهِ لَيْسَ مِنْ الْعَدْلِ .