الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال إن كان ) ذا الطائر ( غرابا فامرأتي طالق ، وإلا ) يكن غرابا ( فعبدي حر وجهل ) حال الطائر وقع إحداهما مبهما وحينئذ ( منع منهما ) أي من استخدامه والتصرف فيه ، ومن التمتع بها ( إلى البيان ) للعلم بزوال ملكه عن أحدهما ، وعليه نفقتهما إلى البيان ، ولا يؤجره الحاكم وإذا قال حنثت في الطلاق طلقت ثم إن صدقه فذاك ، ولا يمين عليه ، وإن كذبه وادعى العتق حلف السيد فإن نكل حلف العبد ، وحكم بعتقه أو في العتق عتق ثم إن صدقته فكما مر ، وإن كذبته ونكل حلفت وحكم بطلاقها ( فإن مات لم يقبل بيان الوارث على المذهب ) أنها المطلقة حتى يسقط إرثها ، ويرق العبد ؛ لأنه متهم في ذلك ، ومن ثم لو عكس قبل قطعا لإضراره بنفسه ونازع فيه الإسنوي وأطال نقلا بما يرده أن من حفظ ومعنى بما يرده أن إضراره لنفسه هو الغالب فلا نظر إلى تصور أنه قد لا يضره ، وبحث البلقيني أخذا من العلة تقييده بما إذا لم يكن على الميت دين ، وإلا أقرع نظرا لحق العبد في العتق والميت في الرق ليوفى منه دينه فإن قلت : لم نظروا هنا إلى التهمة كما ذكر ، ولم ينظروا إليها في بعض ما شمله قوله فالأظهر [ ص: 76 ] قبول بيان وارثه ؟

                                                                                                                              قلت لأنها هنا أظهر باعتبار ظهور نفعه في كل من الطرفين المتغايرين ، وأيضا فهنا طريق يمكن التوصل به إلى الحق ، وهو القرعة فمنع غيره مع التهمة ، ولا كذلك ثم ( بل يقرع بين العبد والمرأة ) رجاء خروج القرعة للعبد لتأثيرها في العتق ، وإن لم تؤثر في الطلاق كما تقبل شهادة رجل وامرأتين في السرقة للمال دون القطع ( فإن قرع ) أي خرجت القرعة له ( عتق ) من رأس المال إن علق في الصحة ، وإلا فمن الثلث إذ هو فائدة القرعة وترث هي إلا إذا صدقت على أن الحنث فيها ، وهي بائن ( أو قرعت لم تطلق ) إذ لا مدخل للقرعة في الطلاق ، وإنما دخلت في العتق للنص لكن الورع أن تترك الإرث ( والأصح أنه لا يرق ) بفتح فبكسر كما بخطه ؛ لأن القرعة لم تؤثر فيما خرجت عليه ففي غيره أولى فيبقى الإبهام كما كان ، ولا يتصرف الوارث فيه خلافا للعراقيين قال صاحب المعين : ومحل الخلاف في الظاهر أما في الباطن فيملك التصرف فيه قطعا ، وفي غير نصيب الزوجة منه أما نصيبها فلا يملكه قطعا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإلا أقرع إلخ ) يتأمل معناه فإن الإقراع لا بد منه ، وإن لم يكن عليه دين اللهم إلا أن يريد أنه إذا قرعت يرق ويوفى منه الدين وعلى هذا فهل تطلق فيه نظر فليحرر

                                                                                                                              ( قوله : ولم ينظروا إليها في بعض إلخ ) أي كما إذا مات بينهما وبين الوارث الميتة بعده للطلاق



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي من استخدامه ) إلى قوله : فإن قلت : في المغني إلا قوله : ولا يؤجره الحاكم ، وقوله : ونازع إلى وبحث

                                                                                                                              ( قوله : وعليه نفقتهما إلخ ) عبارة المغني : وعليه نفقة الزوجة ، وكذا العبد حيث لا كسب له ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : ولا يؤجره الحاكم ) أي لينفق عليه من أجرته أي : ولو أراد التكسب لنفسه فلسيده منعه منه ؛ لأن الأصل بقاء الرق حتى يثبت ما يزيله فلو اكتسب بإذن من السيد أو بدونه فينبغي أن ينفق عليه من كسبه ؛ لأنه إما باق على الرق فكأنه للسيد ، والنفقة واجبة عليه ، وإما عتيق فالمال له ، ونفقته على نفسه وما زاد على قدر النفقة يوقف إلى أن يتبين الحال ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : ثم إن صدقه ) أي العبد

                                                                                                                              ( قوله : وحكم بعتقه ) أي والطلاق ا هـ مغني عبارة ع ش أي فتطلق المرأة باعترافه ويعتق العبد بحلفه ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : أو في العتق ) عطف على قوله في الطلاق

                                                                                                                              ( قوله : وحكم بطلاقها ) أي وبعتق العبد أيضا ع ش ومغني ( قول المتن : فإن مات ) أي قبل بيانه

                                                                                                                              ( قوله : ويرق العبد ) عطف على يسقط إلخ

                                                                                                                              ( قوله : لو عكس ) أي بأن بين الحنث في العتق ا هـ ع ش ( قوله لإضراره بنفسه ) أي بتشريكه المرأة في التركة وإخراجه العبد عنها ا هـ كردي

                                                                                                                              ( قوله : فيه ) أي في قولهم : لو عكس قبل إلخ

                                                                                                                              ( قوله : نقلا ) تمييز محول عن المضاف والأصل ونازع في نقله أو مفعول مطلق مجازي ، والأصل نزاعا نقليا

                                                                                                                              ( قوله : بما يرده ) أي بنقل يرده أن من حفظ إلخ ، وهو الوارث فإنه مثبت للعتق ، والمنكر الغير الحافظ ناف له ، والمثبت مقدم على النافي ا هـ كردي

                                                                                                                              ( قوله : أن من حفظ ) أي حجة على من لم يحفظ

                                                                                                                              ( قوله : ومعنى بما إلخ ) عطف على قوله نقلا بما إلخ

                                                                                                                              ( قوله : إلى تصور أنه قد لا يضره ) أي ككون الزوجة كتابية ، والزوج مسلم ، وما يأتي في بحث البلقيني

                                                                                                                              ( قوله : وبحث البلقيني إلخ ) معتمد ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : أخذا من العلة ) وهي قوله لإضراره بنفسه ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله : تقييده ) أي قولهم : لو عكس قبل

                                                                                                                              ( قوله : على الميت دين ) شامل لما إذا حدث الدين بعد الموت كأن حفر بئرا عدوانا فتلف بها شيء بعد الموت وبعد تعيين الوارث ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : وإلا أقرع إلخ ) يتأمل معناه فإن الإقراع لا بد منه ، وإن لم يكن عليه دين اللهم إلا أن يريد أنه إذا قرعت يرق ويوفى منه الدين وعلى هذا فهل تطلق فيه نظر فليحرر ا هـ سم عبارة الرشيدي قضيته أن القرعة تؤثر في الرق لكن سيأتي قريبا خلافه ا هـ وقوله : لكن سيأتي إلخ أقول : يمكن تخصيصه بغير ما هنا كما مر آنفا عن سم ما يشير إليه

                                                                                                                              ( قوله : لم نظروا هنا إلخ ) أي حيث لم يقبلوا بيان الوارث ، وقوله : ولم ينظروا إليها إلخ أي حيث قبلوا بيانه مع احتمال أن يكون له غرض في تبيينه واحدة منهما ككونها كتابية ، والأخرى مسلمة ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : في بعض ما شمله قوله : إلخ ) أي كما إذا مات بينهما وبين الوارث الميتة بعده للطلاق ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 76 ] ؛ لأنها ) أي التهمة

                                                                                                                              ( قوله : أظهر باعتبار ظهور نفعه إلخ ) ولك أن تمنعه بأن البعض المذكور كذلك

                                                                                                                              ( قوله : فمنع غيره ) أي غير ذلك الطريق ا هـ رشيدي

                                                                                                                              ( قوله : رجاء خروج القرعة ) إلى قوله : ولا ينصرف في المغني إلا قوله كما يقبل إلى المتن

                                                                                                                              ( قوله : إذ هو ) أي العتق

                                                                                                                              ( قوله : إذا صدقت على الحنث ) عبارة المغني إذا ادعت أن الحنث فيها ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : لكن الورع إلخ ) يظهر أنها إذا أرادت سلوك سبيل الورع فلا بد من صورة تمليك منها للورثة حتى يصير ملكهم قطعا ، وإن أوهم قوله أن تترك خلافه ثم قضية هذا الصنيع أنها ترث لكن الورع تركه ، وعبارة متن الروض ، وإن خرجت لهن يعني الزوجات استمر الإشكال ووقف إرثهن ، والأولى لهن تركه للورثة انتهى وأقره شارحه ، وهو أي الشارح تابع في ذلك للزركشي فإنه تعقب بنحو ذلك تعبير أصل الروضة حيث قال : وإن خرجت القرعة على المرأة لم تطلق لكن الورع إلخ فليراجع ثم رأيت في حاشية ابن قاسم على شرح المنهج ما نصه قوله : والورع إلخ يوهم أن لها الآن سبيلا إلى الميراث ، وليس مرادا فإن الإشكال مستمر كما صرح به البرلسي ، ويمكن أن يقال معنى ترك الميراث أن تعرض عنه وتهب حصتها لبقية الورثة ليتمكنوا من أخذ الجميع ، ولا يوقف لها شيء فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              وفي حاشية الزيادي على ذلك ما نصه : ويمكن حمل كلام الشارح على صورة خروج القرعة على العبد انتهى ا هـ سيد عمر أقول : وقد يمنع ما ادعاه من أن قضية هذا الصنيع إلخ قول الشارح الآتي فيبقى الإبهام إلخ فتأمل

                                                                                                                              ( قوله : فيبقى الإبهام كما كان ) ولا تعاد القرعة ا هـ أسنى

                                                                                                                              ( قوله : ولا يتصرف الوارث فيه ) وينبغي عدم وجوب النفقة عليه ؛ لأنا لم نتحقق دخوله في ملكه وتكون في بيت المال ثم على مياسير المسلمين ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : فيملك التصرف فيه إلخ ) الأولى فيملك قطعا التصرف في غير نصيب الزوجة منه أما إلخ




                                                                                                                              الخدمات العلمية