قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28662_30525_30549_30558_32533_34091_34104_34131_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد nindex.php?page=treesubj&link=30539_34131_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=34لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق nindex.php?page=treesubj&link=28902_30386_30387_30413_30539_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار
هذه الآية بالمعنى راجعة إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30وهم يكفرون بالرحمن ، والمعنى: أفمن هو هكذا أحق بالعبادة أم الجمادات التي لا تنفع ولا تضر؟ هذا تأويل، ويظهر أن القول مرتبط بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33وجعلوا لله شركاء ، كأن المعنى: أفمن له القدرة والوحدانية ويجعل له شريك أهل أن ينتقم ويعاقب أم لا؟ و "الأنفس" من مخلوقاته وهو قائم على الكل
[ ص: 208 ] أي محيط به ليقرب الموعظة من حس السامع، ثم خص من أحوال الأنفس حال كسبها ليتفكر الإنسان عند نظر الآية في أعماله وكسبه.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33قل سموهم أي: سموا من له صفات يستحق بها الألوهية، ثم أضرب عن القول وقرر: هل تعلمون الله بما لا يعلم، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : "هل تنبئونه" بإسكان النون وتخفيف الباء. و"أم" هي بمعنى "بل"، و"ألف الاستفهام"، هذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وهي كقولهم: "إنها لإبل أم شاء". ثم قررهم بعد، هل يريدون تجويز ذلك بظاهر من الأمر؟ لأن ظاهر الأمر له إلباس ما وموضع من الاحتمال، وما لم يكن إلا بظاهر من القول فقط فلا شبهة له. وقرأ الجمهور: "زين" على بناء الفعل للمفعول "مكرهم" بالرفع، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : "زين" على بناية للفاعل "مكرهم" بالنصب، أي: زين الله. و"مكرهم": لفظ يعم أقوالهم وأفعالهم التي كانت بسبيل مناقضة الشرع. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : "وصدوا" بضم الصاد، وهذا على تعدي الفعل، وقرأ الباقون هنا وفي "حم المؤمن" "وصدوا" بفتحها، وذلك يحتمل أن يكون: صدوا أنفسهم أو صدوا غيرهم، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يحيى بن وثاب : "وصدوا" بكسر الصاد.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=34لهم عذاب الآية وعيد، أي: لهم عذاب في دنياهم بالقتل والأسر والجدوب والبلايا في أجسامهم وغير ذلك مما امتحنهم الله به، ثم لهم عذاب أشق من هذا كله وهو الاحتراق بالنار. و"أشق" أصعب، من المشقة، و "الواقي": هو الساتر على جهة الحماية، من الوقاية.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مثل الجنة الآية، قال قوم: "مثل" معناه: صفة، وهذا من قولك:
[ ص: 209 ] "مثلت الشيء" إذا وصفته لأحد وقربت عليه فهم أمره، وليس بضرب مثل لها، وهو كقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وله المثل الأعلى أي الوصف الأعلى، ويظهر أن المعنى الذي يتحصل في النفس مثالا للجنة هو جري الأنهار وأن أكلها دائم، ورافعه عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه مقدر قيل: تقديره: فيما يتلى عليكم أو ينص عليكم مثل الجنة، ورافعه عند
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء قوله: "تجري" أي: صفة الجنة أنها تجري من تحتها الأنهار، ونحو هذا موجود في كلام
العرب ، وتأول عليه قوم أن "مثل" مقحم، وأن التقدير: الجنة التي وعد المتقون بها.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قلق، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : "أمثال الجنة"، وقد تقدم غير مرة معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35تجري من تحتها الأنهار .
وقوله: "أكلها" معناه: ما يؤكل فيها، و"العقبى" والعاقبة والعاقب: حال تتلو أخرى قبلها. وباقي الآية بين.،وقيل: التقدير في صدر الآية: "مثل الجنة جنة تجري"، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، فتكون الآية -على هذا- ضرب مثل لجنة النعيم في الآخرة.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28662_30525_30549_30558_32533_34091_34104_34131_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنَ هَادٍ nindex.php?page=treesubj&link=30539_34131_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=34لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ وَاقٍ nindex.php?page=treesubj&link=28902_30386_30387_30413_30539_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ
هَذِهِ الْآيَةُ بِالْمَعْنَى رَاجِعَةٌ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ، وَالْمَعْنَى: أَفَمَنْ هُوَ هَكَذَا أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ أَمِ الْجَمَادَاتُ الَّتِي لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ؟ هَذَا تَأْوِيلٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ ، كَأَنَّ الْمَعْنَى: أَفَمَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ وَالْوَحْدَانِيَّةُ وَيُجْعَلُ لَهُ شَرِيكٌ أَهْلٌ أَنْ يَنْتَقِمَ وَيُعَاقِبَ أَمْ لَا؟ وَ "الْأَنْفُسُ" مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْكُلِّ
[ ص: 208 ] أَيْ مُحِيطٌ بِهِ لِيُقَرِّبَ الْمَوْعِظَةَ مِنْ حِسِّ السَّامِعِ، ثُمَّ خَصَّ مِنْ أَحْوَالِ الْأَنْفُسِ حَالَ كَسْبِهَا لِيَتَفَكَّرَ الْإِنْسَانُ عِنْدَ نَظَرِ الْآيَةِ فِي أَعْمَالِهِ وَكَسْبِهِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33قُلْ سَمُّوهُمْ أَيْ: سَمُّوا مَنْ لَهُ صِفَاتٌ يَسْتَحِقُّ بِهَا الْأُلُوهِيَّةَ، ثُمَّ أَضْرَبَ عَنِ الْقَوْلِ وَقَرَّرَ: هَلْ تُعْلِمُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : "هَلْ تُنْبِئُونَهُ" بِإِسْكَانِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ. وَ"أَمْ" هِيَ بِمَعْنَى "بَلْ"، وَ"أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ"، هَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَهِيَ كَقَوْلِهِمْ: "إِنَّهَا لَإِبِلٌ أَمْ شَاءٌ". ثُمَّ قَرَّرَهُمْ بَعْدُ، هَلْ يُرِيدُونَ تَجْوِيزَ ذَلِكَ بِظَاهِرٍ مِنَ الْأَمْرِ؟ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ لَهُ إِلْبَاسٌ مَا وَمَوْضِعٌ مِنَ الِاحْتِمَالِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ فَقَطْ فَلَا شُبْهَةَ لَهُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "زُيِّنَ" عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ "مَكْرُهُمْ" بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : "زَيَّنَ" عَلَى بِنَايَةٍ لِلْفَاعِلِ "مَكْرَهُمْ" بِالنَّصْبِ، أَيْ: زَيَّنَ اللَّهُ. وَ"مَكْرُهُمْ": لَفْظٌ يَعُمُّ أَقْوَالَهُمْ وَأَفْعَالَهُمُ الَّتِي كَانَتْ بِسَبِيلِ مُنَاقَضَةِ الشَّرْعِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : "وَصُدُّوا" بِضَمِّ الصَّادِ، وَهَذَا عَلَى تَعَدِّي الْفِعْلِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ هُنَا وَفِي "حم الْمُؤْمِنِ" "وَصَدُّوا" بِفَتْحِهَا، وَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ: صَدُّوا أَنْفُسَهُمْ أَوْ صَدُّوا غَيْرَهُمْ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ : "وَصِدُّوا" بِكَسْرِ الصَّادِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=34لَهُمْ عَذَابٌ الْآيَةٌ وَعِيدٌ، أَيْ: لَهُمْ عَذَابٌ فِي دُنْيَاهُمْ بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَالْجُدُوبِ وَالْبَلَايَا فِي أَجْسَامِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا امْتَحَنَهُمُ اللَّهُ بِهِ، ثُمَّ لَهُمْ عَذَابٌ أَشَقُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَهُوَ الِاحْتِرَاقُ بِالنَّارِ. و"أَشَقُّ" أَصْعَبُ، مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَ "الْوَاقِي": هُوَ السَّاتِرُ عَلَى جِهَةِ الْحِمَايَةِ، مِنَ الْوِقَايَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مَثَلُ الْجَنَّةِ الْآيَةُ، قَالَ قَوْمٌ: "مَثَلُ" مَعْنَاهُ: صِفَةُ، وَهَذَا مِنْ قَوْلِكَ:
[ ص: 209 ] "مَثَّلْتُ الشَّيْءَ" إِذَا وَصَفْتَهُ لِأَحَدٍ وَقَرَّبْتَ عَلَيْهِ فَهْمَ أَمْرِهِ، وَلَيْسَ بِضَرْبِ مَثَلٍ لَهَا، وَهُوَ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى أَيِ الْوَصْفُ الْأَعْلَى، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَحَصَّلُ فِي النَّفْسِ مِثَالًا لِلْجَنَّةِ هُوَ جَرْيُ الْأَنْهَارِ وَأَنَّ أُكُلَهَا دَائِمٌ، وَرَافِعُهُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ مُقَدَّرٌ قِيلَ: تَقْدِيرُهُ: فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ أَوْ يُنَصُّ عَلَيْكُمْ مَثَلُ الْجَنَّةِ، وَرَافِعُهُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءِ قَوْلُهُ: "تَجْرِي" أَيْ: صِفَةُ الْجَنَّةِ أَنَّهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، وَنَحْوُ هَذَا مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ ، وَتَأَوَّلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ أَنَّ "مَثَلُ" مُقْحَمٌ، وَأَنَّ التَّقْدِيرَ: الْجَنَّةُ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ بِهَا.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا قَلِقٌ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ : "أَمْثَالَ الْجَنَّةِ"، وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ .
وَقَوْلُهُ: "أُكُلُهَا" مَعْنَاهُ: مَا يُؤْكَلُ فِيهَا، وَ"الْعُقْبَى" وَالْعَاقِبَةُ وَالْعَاقِبُ: حَالٌ تَتْلُو أُخْرَى قَبْلَهَا. وَبَاقِي الْآيَةِ بَيِّنٌ.،وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ فِي صَدْرِ الْآيَةِ: "مَثَلُ الْجَنَّةِ جَنَّةٌ تَجْرِي"، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، فَتَكُونُ الْآيَةُ -عَلَى هَذَا- ضَرْبَ مَثَلٍ لِجَنَّةِ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ.