الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل :

ويكره تنشيف أعضائه في الوضوء والغسل في إحدى الروايتين ما لم يخف ضررا من برد وغيره ؛ لأن ميمونة لما وضعت غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالت فأتيته بالمنديل فلم يردها ، وجعل ينفض الماء بيده . رواه الجماعة ؛ ولأنه أثر عبادة لا يخاف ضرره أو لا يستحب إزالته فكرهت [ ص: 215 ] كدم الشهيد ، وخلوف فم الصائم ، وطرده التراب بجبهة الساجد ، والرواية الأخرى لا يكره ولا يستحب ، وهي أصح ؛ لما روى قيس بن سعد قال : زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا فأمر له سعد بغسل فوضع له " فاغتسل ثم ناولته ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس فاشتمل بها " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .

وعن سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه " . رواه ابن ماجه ؛ ولأن هذا الأثر لم يرد الشرع باستطابته فأشبه غبار القدمين في سبيل الله ، وبهذا ينقض قياسهم ، وأصل قياسهم عكس علتنا . وأما نفض يده فكرهه القاضي وأصحابه .

[ ص: 216 ] لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم " . وقال طائفة من أصحابنا : لا يكره كالتنشيف لحديث ميمونة المتقدم ، ويباح معاونته في الوضوء باستقاء الماء وحمله وصبه عليه ، والأفضل أن يلي هو ذلك بنفسه ، فأما إن استناب غيره في فعل الوضوء بأن نوى وغسل الغير أعضاءه فإنه يكره ويجزئه كما لو نوى ووقف تحت ميزاب وأنبوب ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية