الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فصل وإذا سرق المسروق منه مال السارق ) أو سرق ( المغصوب منه مال الغاصب من الحرز الذي فيه العين المسروقة أو المغصوبة ولو ) كانت العين المسروقة أو المغصوبة ( مميزة ) لم يقطع لأن لكل واحد منهما شبهة في هتك الحرز لأخذ ماله فإذا هتك الحرز صار كأن المال المسروق منه أخذ من غير حرز ( أو أخذ ) المسروق منه أو المغصوب منه ( عين ماله فقط أو ) أخذه ( ومعه نصاب من مال المتعدي ) من الحرز الذي فيه ماله ( لم يقطع ) لما سبق ( وإن سرق ) المسروق منه أو المغصوب ( منه ) أي من السارق أو الغاصب ( نصابا من غير الحرز الذي فيه ماله ) فعليه القطع لأنه لا شبهة له فيه مع البدل ( أو سرق ) رب دين ( من ماله من له عليه دين وهما ) أي الغاصب ونحوه والمدين ( باذلان غير ممتنعين من أدائه أو قدر المالك على أخذ ماله فتركه وسرق من مال المتعدي ) من غير حرز ماله ( أو ) سرق من مال ( الغريم فعليه القطع ) لعدم الشبهة .

                                                                                                                      ( وإن عجز ) رب دين ( عن استيفائه أو ) عجز مجني عليه عن استيفاء ( أرش جنايته فسرق قدر دينه أو ) قدر ( حقه ) أي أرش جنايته ( فلا قطع ) لأن بعض العلماء أباح له الأخذ فيكون الاختلاف في إباحة الأخذ شبهة تدرأ الحد كالوطء في نكاح مختلف في صحته ( وإن سرق ) رب الدين ( أكثر من دينه فكالمغصوب منه إذا سرق أكثر من دينه ) يعني من عين ماله ( على ما مضى ) قاله في الشرح ( ومن قطع بسرقة عين فعاد فسرقها قطع سواء سرقها من الذي سرق منه أو من غيره ) لأنه لم ينزجر أشبه ما لو سرق غيرها بخلاف حد القذف فإنه لا يعاد مرة أخرى لأن الغرض إظهار كذبه وقد ظهر .

                                                                                                                      وهنا المقصود ردعه وزجره عن السرقة ولم يوجد [ ص: 144 ] فيردع بالثاني كما لو سرق عينا أخرى ( ومن سرق مرات قبل القطع أجزأ حد واحد عن جميعها ) كما لو زنى أو شرب مرات قبل الحد لأنه خالص حق الله تعالى بخلاف حد القذف لأنه حق آدمي وتقدم ( ولو سرق المال المسروق أو المغصوب أجنبي لم يقطع ) لأنه لم يسرق من مال له ولا نائبه .

                                                                                                                      ( ومن آجر داره أو أعارها ثم سرق منها مال المستعير أو المستأجر قطع ) لأنه هتك حرزا وسرق منه نصابا لا شبهة له فيه فيقطع كما لو سرق من غير ملكه ولأن هذا قد صار حرزا لمالك غيره فلا يجوز له الدخول إليه ولا يجوز له الرجوع في العارية قال في الفنون له الرجوع بقول لا سرقة .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية