قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28650_32007_34513_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=13نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى nindex.php?page=treesubj&link=28657_28662_32007_34513_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا nindex.php?page=treesubj&link=29706_32007_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=15هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا nindex.php?page=treesubj&link=29676_30202_32007_34513_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا
لما اقتضى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=12لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا اختلافا وقع في أمر الفتية عقب بالخبر عن أنه عز وجل يعلم من أمرهم بالحق الذي وقع. وفي مجموع هذه الآيات جواب
قريش عن سؤالهم الذي أمرتهم به بنو إسرائيل و "القص": الإخبار بأمر
[ ص: 575 ] يسرد، لا بكلام يروى شيئا شيئا، لأن تلك المخاطبة ليست بقصص. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=13وزدناهم هدى أي: يسرناهم للعمل الصالح، والانقطاع إلى الله عز وجل، ومباعدة الناس، والزهد في الدنيا، وهذه زيادات على الإيمان.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14وربطنا على قلوبهم عبارة عن شدة عزم وقوة صبر أعطاها الله لهم، ولما كان الفزع وخور النفس يشبه بالتناسب الانحلال، حسن في شدة النفس وقوة التصميم أن يشبه الربط، ومنه يقال: "فلان رابط الجأش" إذا كان لا تفترق نفسه عند الجزع والحرب وغيرها، ومنه الربط على قلب أم
موسى . وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14إذ قاموا فقالوا يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون هذا وصف مقامهم بين يدي الملك الكافر; فإنه مقام يحتاج إلى الربط على القلب، حيث طلبوا عليه، وخالفوا دينه، ورفضوا في ذات الله هيبته. والمعنى الثاني أن يعبر بالقيام عن انبعاثهم بالعزم إلى الهروب إلى الله تعالى ومنابذة الناس، كما تقول: "قام فلان إلى أمر كذا" إذا عزم عليه بغاية الجد، وبهذه الألفاظ التي هي:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14قاموا فقالوا تعلقت الصوفية في القيام والقول، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : "إذ قاموا قياما فقالوا".
وقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14لقد قلنا إذا شططا ، أي: لو دعونا من دون ربنا إلها، و"الشطط": الجور وتعدي الحد والغلو بحسب أمر أمر، ومنه: "اشتط الرجل في السوم" إذا طلب في سلعته فوق قيمتها، ومنه: شطوط النوى والبعد، ومنه قول الشاعر:
ألا يا لقومي قد اشتط عوازلي ... ويزعمن أن أودى بحقي باطلي
[ ص: 576 ] وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=15هؤلاء قومنا مقالة يصلح أن تكون مما قالوا في مقامهم بين يدي الملك، ويصح أن تكون من قول بعضهم لبعض عند قيامهم للأمر الذي عزموا عليه. وقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=15لولا يأتون تحضيض بمعنى التعجيز; لأنه تحضيض على ما لا يمكن; وإذا لم يمكنهم ذلك لم يجب أن يلتفت إلى دعواهم. و "السلطان": الحجة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : المعنى: بعذر بين.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه عبارة محلقة.
ثم عظموا جرم الداعين مع الله آلهة وظلمهم بقوله -على جهة التقرير-:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=15فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا .
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16وإذ اعتزلتموهم الآية. إن كان "القيام" في قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14إذ قاموا عزما -كما تضمن التأويل الواحد، وكان "القول" منهم فيما بينهم -فهذه المقالة يصح أن تكون من قولهم الذي قالوه عند قيامهم; وإن كان "القيام" المذكور مقامهم بين يدي الملك فهذه المقالة لا يترتب أن تكون من "مقالهم" بين يدي الملك، بل يكون في الكلام حذف تقديره: وقال بعضهم لبعض.
وبهذا يترجح أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14إذ قاموا فقالوا إنما المراد به: إذ عزموا ونفذوا لأمرهم.
وقوله تعالى: "إلا الله"، إن فرضنا الكفار الذين فر أهل الكهف منهم لا يعرفون الله تعالى، ولا علم لهم به، إنما يعتقدون الألوهية في أصنامهم فقط، فهو استثناء منقطع ليس من الأول، وإن فرضناهم يعرفون الله تعالى ويعظمونه كما كانت تفعل
العرب ، لكنهم يشركون أصنامهم معه في العبادة، فالاستثناء متصل; لأن الاعتزال وقع في كل ما يعبد الكفار إلا في جهة الله تعالى وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "وما يعبدون من دون الله"، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هذا تفسيرها، قال
هارون: وفي بعض مصاحفه: "وما يعبدون من دوننا".
[ ص: 577 ] قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فعلى ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة تكون "إلا" بمنزلة "غير"، و"ما" من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16وما يعبدون في موضع نصب عطفا على الضمير في "اعتزلتموهم" ومضمن هذه الآية أن بعضهم قال لبعض: إذ فارقنا الكفار وانفردنا بالله تعالى فلنجعل الكهف مأوى، ونتكل على الله تعالى، فإنه يبسط لنا رحمته، وينشرها علينا، ويهيئ لنا من أمرنا مرفقا، وهذا كله دعاء بحسب الدنيا، وعلى ثقة كانوا من الله تعالى في أمر آخرتهم.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر : "مرفقا" بفتح الميم وكسر الفاء، وهو مصدر كالرفق فيما حكى
أبو زيد ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبي جعفر، nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وشيبة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
وابن أبي إسحاق : "مرفقا" بكسر الميم وفتح الفاء، ويقالان جميعا في الأمر وفي الجارحة، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أنه قال: لا أعرف في الأمر وفي اليد وفي كل شيء إلا كسر الميم، وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أن يكون "المرفق" من الجارحة إلا بفتح الميم وكسر الفاء، وخالفه
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم وقال: "المرفق" بفتح الميم الموضع كالمسجد، وهما بعد لغتان.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28650_32007_34513_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=13نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى nindex.php?page=treesubj&link=28657_28662_32007_34513_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا nindex.php?page=treesubj&link=29706_32007_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=15هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا nindex.php?page=treesubj&link=29676_30202_32007_34513_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا
لَمَّا اقْتَضَى قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=12لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا اخْتِلَافًا وَقَعَ فِي أَمْرِ الْفِتْيَةِ عَقَّبَ بِالْخَبَرِ عَنْ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ مَنْ أَمْرِهِمْ بِالْحَقِّ الَّذِي وَقَعَ. وَفِي مَجْمُوعِ هَذِهِ الْآيَاتِ جَوَابُ
قُرَيْشٍ عَنْ سُؤَالِهِمُ الَّذِي أَمَرَتْهُمْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ "الْقَصُّ": الْإِخْبَارُ بِأَمْرٍ
[ ص: 575 ] يُسْرَدُ، لَا بِكَلَامٍ يُرْوَى شَيْئًا شَيْئًا، لِأَنَّ تِلْكَ الْمُخَاطَبَةَ لَيْسَتْ بِقِصَصٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=13وَزِدْنَاهُمْ هُدًى أَيْ: يَسَّرْنَاهُمْ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالِانْقِطَاعِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُبَاعَدَةِ النَّاسِ، وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَهَذِهِ زِيَادَاتٌ عَلَى الْإِيمَانِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ عِبَارَةٌ عَنْ شِدَّةِ عَزْمٍ وَقُوَّةِ صَبْرٍ أَعْطَاهَا اللَّهُ لَهُمْ، وَلَمَّا كَانَ الْفَزَعُ وَخَوْرُ النَّفْسِ يُشْبِهُ بِالتَّنَاسُبِ الِانْحِلَالَ، حَسُنَ فِي شِدَّةِ النَّفْسِ وَقُوَّةِ التَّصْمِيمِ أَنْ يُشْبِهَ الرَّبْطَ، وَمِنْهُ يُقَالُ: "فُلَانٌ رَابِطُ الْجَأْشِ" إِذَا كَانَ لَا تَفْتَرِقُ نَفْسُهُ عِنْدَ الْجَزَعِ وَالْحَرْبِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْهُ الرَّبْطُ عَلَى قَلْبِ أُمِّ
مُوسَى . وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14إِذْ قَامُوا فَقَالُوا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ هَذَا وَصْفُ مَقَامِهِمْ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْكَافِرِ; فَإِنَّهُ مَقَامٌ يَحْتَاجُ إِلَى الرَّبْطِ عَلَى الْقَلْبِ، حَيْثُ طُلِبُوا عَلَيْهِ، وَخَالَفُوا دِينَهُ، وَرَفَضُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ هَيْبَتَهُ. وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنْ يُعَبِّرَ بِالْقِيَامِ عَنِ انْبِعَاثِهِمْ بِالْعَزْمِ إِلَى الْهُرُوبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمُنَابَذَةِ النَّاسِ، كَمَا تَقُولُ: "قَامَ فَلَانٌ إِلَى أَمْرِ كَذَا" إِذَا عَزَمَ عَلَيْهِ بِغَايَةِ الْجِدِّ، وَبِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي هِيَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14قَامُوا فَقَالُوا تَعَلَّقَتِ الصُّوفِيَّةُ فِي الْقِيَامِ وَالْقَوْلِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : "إِذْ قَامُوا قِيَامًا فَقَالُوا".
وَقَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ، أَيْ: لَوْ دَعَوْنَا مِنْ دُونِ رَبِّنَا إِلَهًا، وَ"الشَّطَطُ": الْجَوْرُ وَتَعِدِي الْحَدِّ وَالْغُلُوُّ بِحَسْبِ أَمْرٍ أَمْرٍ، وَمِنْهُ: "اشْتَطَّ الرَّجُلُ فِي السَّوْمِ" إِذَا طَلَبَ فِي سِلْعَتِهِ فَوْقَ قِيمَتِهَا، وَمِنْهُ: شُطُوطُ النَّوَى وَالْبُعْدُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَلَّا يَا لِقَوْمِي قَدِ اشْتَطَّ عَوَازِلِي ... وَيَزْعُمْنَ أَنْ أَوْدَى بِحَقِّيَ بَاطِلِي
[ ص: 576 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=15هَؤُلاءِ قَوْمُنَا مَقَالَةٌ يُصْلِحُ أَنْ تَكُونَ مِمَّا قَالُوا فِي مَقَامِهِمْ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عِنْدِ قِيَامِهِمْ لِلْأَمْرِ الَّذِي عَزَمُوا عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=15لَوْلا يَأْتُونَ تَحْضِيضٌ بِمَعْنَى التَّعْجِيزِ; لِأَنَّهُ تَحْضِيضٌ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ; وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ أَنْ يُلْتَفَتْ إِلَى دَعْوَاهُمْ. وَ "السُّلْطَانُ": الْحُجَّةُ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : الْمَعْنَى: بِعُذْرٍ بَيِّنٍ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذِهِ عِبَارَةٌ مُحَلِّقَةٌ.
ثُمَّ عَظَّمُوا جُرْمَ الدَّاعِينَ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً وَظُلْمَهُمْ بِقَوْلِهِ -عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيرِ-:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=15فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ الْآيَةَ. إِنْ كَانَ "الْقِيَامُ" فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14إِذْ قَامُوا عَزْمًا -كَمَا تَضْمَنُ التَّأْوِيلَ الْوَاحِدَ، وَكَانَ "الْقَوْلُ" مِنْهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ -فَهَذِهِ الْمَقَالَةُ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمُ الَّذِي قَالُوهُ عِنْدَ قِيَامِهِمْ; وَإِنْ كَانَ "الْقِيَامُ" الْمَذْكُورُ مَقَامَهُمْ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ فَهَذِهِ الْمَقَالَةُ لَا يَتَرَتَّبُ أَنْ تَكُونَ مِنْ "مَقَالِهِمْ" بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ، بَلْ يَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ.
وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=14إِذْ قَامُوا فَقَالُوا إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ: إِذْ عَزَمُوا وَنَفَّذُوا لِأَمْرِهِمْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "إِلَّا اللَّهَ"، إِنْ فَرْضَنَا الْكَفَّارَ الَّذِينَ فَرَّ أَهْلُ الْكَهْفِ مِنْهُمْ لَا يَعْرِفُونَ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ، إِنَّمَا يَعْتَقِدُونَ الْأُلُوهِيَّةَ فِي أَصْنَامِهِمْ فَقَطْ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ فَرَضْنَاهُمْ يَعْرِفُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُعَظِّمُونَهُ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ
الْعَرَبُ ، لَكِنَّهُمْ يُشْرِكُونَ أَصْنَامَهُمْ مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ; لِأَنَّ الِاعْتِزَالَ وَقَعَ فِي كُلِّ مَا يَعْبُدُ الْكُفَّارُ إِلَّا فِي جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : "وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ"، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : هَذَا تَفْسِيرُهَا، قَالَ
هَارُونُ: وَفِي بَعْضِ مَصَاحِفِهِ: "وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِنَا".
[ ص: 577 ] قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَعَلَى مَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ تَكُونُ "إِلَّا" بِمَنْزِلَةِ "غَيْرِ"، وَ"مَا" مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16وَمَا يَعْبُدُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي "اعْتَزَلْتُمُوهُمْ" وَمُضَمَّنُ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ لِبَعْضٍ: إِذْ فَارَقْنَا الْكَفَّارَ وَانْفَرَدْنَا بِاللَّهِ تَعَالَى فَلْنَجْعَلِ الْكَهْفَ مَأْوًى، وَنَتَّكِلْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ يَبْسُطُ لَنَا رَحْمَتَهُ، وَيَنْشُرُهَا عَلَيْنَا، وَيُهَيِّئُ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا مِرْفَقًا، وَهَذَا كُلُّهُ دُعَاءٌ بِحَسْبِ الدُّنْيَا، وَعَلَى ثِقَةٍ كَانُوا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَمْرِ آخِرَتِهِمْ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ : "مَرْفِقًا" بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ كَالرِّفْقِ فِيمَا حَكَى
أَبُو زَيْدٍ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبِي جَعْفَرٍ، nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجِ ،
وَشَيْبَةَ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وَعَاصِمٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16258وَطَلْحَةُ، nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ : "مِرْفَقًا" بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَيُقَالَانِ جَمِيعًا فِي الْأَمْرِ وَفِي الْجَارِحَةِ، حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=17141مَكِّيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْرِفُ فِي الْأَمْرِ وَفِي الْيَدِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا كَسْرَ الْمِيمِ، وَأَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ أَنْ يَكُونَ "الْمُرْفَقُ" مِنَ الْجَارِحَةِ إِلَّا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَخَالَفَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11971أَبُو حَاتِمٍ وَقَالَ: "الْمَرْفَقُ" بِفَتْحِ الْمِيمِ الْمَوْضِعُ كَالْمَسْجِدِ، وَهُمَا بَعْدُ لُغَتَانِ.