الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 113 ] قوله ( ويجب الاستنجاء من كل خارج إلا الريح ) . شمل كلامه الملوث وغيره ، والطاهر والنجس . أما النجس الملوث : فلا نزاع في وجوب الاستنجاء منه . وأما النجس غير الملوث والطاهر : فالصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب : وجوب الاستنجاء منه .

وهو ظاهر كلام الخرقي ، والهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والتلخيص ، والبلغة . قال الزركشي ، وابن عبيدان ، وغيرهما : بل هو ظاهر قول أكثر أصحابنا ، وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، والرعايتين ، والحاويين ، والزركشي ، وغيرهم . قلت : وهو ضعيف . وقيل : لا يجب الاستنجاء للخارج الطاهر وهو ظاهر المحرر ، والمنور ، والمنتخب . فإنهم قالوا : وهو واجب لكل نجاسة من السبيل [ وكذا قيده المجد في شرح الهداية . قال ابن عبدوس في تذكرته : ويجزئ أحدهما لسبيل ] نجس بخارجه . قال في التسهيل : وموجبه خارج من سبيل سوى طاهر ، وقيل : لا يجب للخارج الطاهر ، ولا للنجس غير الملوث . قال المصنف وتبعه الشارح والقياس لا يجب الاستنجاء من ناشف لا ينجس المحل . وكذلك إذا كان الخارج طاهرا ،

كالمني إذا حكمنا بطهارته ; لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة . ولا نجاسة هنا . قال في الفروع : وهو أظهر ، قال في الرعاية الكبرى : وهو أصح قياسا . قلت : وهو الصواب . وكيف يستنجي أو يستجمر من طاهر ؟ أم كيف يحصل الإنقاء بالأحجار في الخارج غير الملوث ؟ وهل هذا إلا شبيه بالعبث ؟ وهذا من أشكل ما يكون . فعلى المذهب يعايى بها . وأطلق الوجوب وعدمه ابن تميم ، والفائق . قوله " إلا الريح " يعني لا يجب الاستنجاء له . وهذا المذهب نص عليه الأصحاب . وقيل : يجب الاستنجاء له . قاله في الفائق . وأوجبه حنابلة الشام ، [ ص: 114 ] ذكره ابن الصرفي . قال في الفروع : وقيل : الاستنجاء من نوم وريح ، وإن أصحابنا بالشام قالت : الفرج ترمص كما ترمص العين . وأوجبت غسله ، ذكره أبو الوقت الدينوري ، ذكره عنه ابن الصرفي . قلت : لم نطلع على كلام أحد من الأصحاب بعينه ممن سكن الشام وبلادها قال ذلك . وقوله في الفروع وقيل " الاستنجاء " صوابه : وقيد بالاستنجاء .

تنبيه :

عدم وجوب الاستنجاء منها لمنع الشارع منه ، قاله في الانتصار وقال في المبهج : لأنها عرض بإجماع الأصوليين . قال في الفروع : كذا قال . وأما حكمها ، فالصحيح : أنها طاهرة ، وقال في النهاية : هي نجسة ، فتنجس ماء يسيرا . قال في الفروع : والمراد على المذهب ، أو إن تغير بها . وقال في الانتصار . هي طاهرة لا تنقض بنفسها ، بل بما يتبعها من النجاسة ، فتنجس ماء يسيرا ويعفى عن خلع السراويل للمشقة . قال في الفروع : كذا قال . قال في مجمع البحرين : وفي المذهب وجه بعيد لا عمل عليه بتنجيسها .

التالي السابق


الخدمات العلمية