الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما أنهى الكلام على الذكاة ، وعلى المباح ، وكانت الذكاة من متعلقات الأضحية شرع يتكلم على أحكامها فقال درس ( باب في الضحايا ) ( سن ) عينا ، ولو حكما كالاشتراك في الأجر على ما سيأتي لأن نية الإدخال كفعل النفس ( لحر ) ذكرا أو أنثى كبيرا أو صغيرا حاضرا أو مسافرا لا رقيق ولو بشائبة ( غير حاج ) لا حاج ; لأن سنته الهدي ( بمنى ) الأولى حذفه ; لأن غير الحاج تسن له الضحية مطلقا كان بمنى أو لا ، والحاج لا تسن في حقه مطلقا ( ضحية ) نائب فاعل يسن أي عن نفسه ، وعن أبويه الفقيرين وولده الصغير حتى يبلغ الذكر ، ويدخل بالأنثى زوجها قاله ابن حبيب لا عن زوجة ; لأنها غير تابعة للنفقة بخلاف زكاة فطرتها فتجب عليه لتبعيتها لها ( لا تجحف ) بالمضحي أي بماله بأن لا يحتاج لثمنها في ضرورياته في عامه وتسن لحر ( وإن ) كان ( يتيما ) ، ويخاطب وليه بفعلها عنه من ماله ، ويقبل قوله : في ذلك كما يقبل في زكاة ماله .

التالي السابق


( قوله : وكانت الذكاة من متعلقات الأضحية ) أي من الأمور التي تتعلق بالأضحية .

( باب في الضحايا ) ( قوله : سن ) أي على المشهور ، وقيل إنها واجبة ( قوله : عينا ) أي عن كل أحد بعينه ( قوله : لأن نية الإدخال ) أي ; لأن نية دخول الغير معه في الأجر كفعلها عن ذلك الغير ( قوله : الأولى حذفه ) أي سواء جعلته حالا من غير حاج أو صفة لحاج ، وذلك ; لأنه إذا جعل صفة لحاج انحل المعنى لقولنا سن لحر غير حاج كائن في منى ، وهذا صادق بما إذا كان غير حاج أصلا أو حاجا في غير منى ، ومفهومه أنه لو كان حاجا بمنى لا تسن في حقه ، وهذا فاسد ; لأن الحاج لا يطالب بها كان بمنى أو بغيرها ، وإن جعل حالا من غير حاج انحل المعنى لقولنا سن لحر غير حاج حالة كون ذلك الغير في منى فيرد عليه أن مقتضاه أن غير الحاج إذا كان في غير منى لا تسن في حقه ، وليس كذلك إذ غير الحاج تسن في حقه مطلقا كان بمنى أو غيرها ، وإن كان قد يجاب على هذا بأن مفهوم بمنى أحرى بالحكم ، وقد يقال الظاهر أنه متعلق بمحذوف صفة لحاج أي غير حاج مطلوب كونه بمنى فيشمل غير الحاج أصلا ، ولو معتمرا والحاج الذي لا يطلب كونه بمنى ، وهو من فاته الحج وتحلل منه قبل يوم النحر ، ويخرج الحاج الباقي على إحرامه سواء كان بمنى يومئذ أم لا كذا قرره المسناوي ( قوله : ضحية ) هي بمعنى التضحية إذ لا تكليف إلا بفعل وضمير ، لا تجحف يعود عليها بهذا المعنى إذ الذي يوصف بكونه يجحف أو لا يجحف إنما هو الفعل لا الذات والمعنى لا تتعبه ، ولا تكلفه فوق وسعه ، والإجحاف الإتعاب ( قوله : حتى يبلغ الذكر ، ويدخل بالأنثى زوجها ) ظاهره سقوطها عنه بمجرد احتلام الذكر ، ولو فقيرا عاجزا عن الكسب وبمجرد دخول الزوج بالأنثى ، وإن طلقت قبل البلوغ والظاهر أنه يجري على النفقة فكما أن النفقة على الابن الذي بلغ فقيرا عاجزا على الكسب لازمة ، وكذا نفقة الأنثى التي طلقت قبل البلوغ فكذا الضحية عنهما مطلوبة من أبيهما خلافا لما في عبق من سقوطها فإنه لا يظهر ونص التوضيح عن ابن حبيب يلزم الإنسان أن يضحي عمن تلزمه نفقته من ولد أو والد ، وهذا يفيد أنها لا تسقط إلا بسقوط النفقة .

واعلم أنه يخاطب بها فقير قدر عليها في أيامها ، وكذا يخاطب بها [ ص: 119 ] عمن ولد يوم النحر أو في أيام التشريق لا عمن في البطن ، وكذا يخاطب بها من أسلم يوم النحر أو بعده في أيام التشريق لبقائه وقت الخطاب بالتضحية بخلاف زكاة الفطر نقله اللخمي . ا هـ . عدوي .




الخدمات العلمية