الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : أنا وإن ذكرنا أن قوله : ( الحمد لله رب العالمين ) أجري مجرى قوله قولوا : الحمد لله رب العالمين ، فإنما ذكرناه لأن قوله في أثناء السورة ( إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 4 ] لا يليق إلا بالعبد ، فلهذا السبب افتقرنا هناك إلى هذا الإضمار . أما هذه السورة وهي قوله : ( الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض ) فلا يبعد أن يكون المراد منه ثناء الله تعالى به على نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                            وإذا ثبت هذا فنقول : إن هذا يدل من بعض الوجوه على أنه تعالى منزه عن الشبيه في الذات والصفات والأفعال وذلك لأن قوله : ( الحمد لله ) جار مجرى مدح النفس وذلك قبيح في الشاهد ، فلما أمرنا بذلك دل هذا على أنه لا يمكن قياس الحق على الخلق ، فكما أن هذا قبيح من الخلق مع أنه لا يقبح من الحق ، فكذلك ليس كل ما يقبح من الخلق وجب أن يقبح من الحق ، وبهذا الطريق وجب أن يبطل كلمات المعتزلة في أن ما قبح منا وجب أن يقبح من الله .

                                                                                                                                                                                                                                            إذا عرفت بهذا الطريق أن أفعاله لا تشبه أفعال الخلق ، فكذلك صفاته لا تشبه صفات الخلق ، وذاته لا تشبه ذوات الخلق ، وعند هذا يحصل التنزيه المطلق والتقديس الكامل عن كونه تعالى مشابها لغيره في الذات والصفات والأفعال ، فهو الله سبحانه واحد في ذاته ، لا شريك له في صفاته ، ولا نظير له ، واحد في أفعاله لا شبيه له ، تعالى وتقدس ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية