المسألة الرابعة : في كيفية
nindex.php?page=treesubj&link=29620_28659_19788الاستدلال بجريان الفلك في البحر على وجود الصانع تعالى وتقدس ، وهي من وجوه :
أحدها : أن السفن وإن كانت من تركيب الناس إلا أنه تعالى هو الذي خلق الآلات التي بها يمكن تركيب هذه السفن ، فلولا خلقه لها لما أمكن ذلك .
وثانيها : لولا الرياح المعينة على تحريكها لما تكامل النفع بها .
وثالثها : لولا هذه الرياح وعدم عصفها لما بقيت ولما سلمت .
ورابعها : لولا تقوية قلوب من يركب هذه السفن لما تم الغرض ، فصيرها الله تعالى من هذه الوجوه مصلحة للعباد ، وطريقا لمنافعهم وتجاراتهم .
وخامسها : أنه خص كل طرف من أطراف العالم بشيء معين ، وأحوج الكل إلى الكل ، فصار ذلك داعيا يدعوهم إلى اقتحامهم هذه الأخطار في هذه الأسفار ، ولولا أنه تعالى خص كل طرف بشيء وأحوج الكل إليه لما ارتكبوا هذه السفن ، فالحامل ينتفع به لأنه يربح ، والمحمول إليه ينتفع بما حمل إليه .
وسادسها :
nindex.php?page=treesubj&link=19788_28659تسخير الله البحر لحمل الفلك مع قوة سلطان البحر إذا هاج ، وعظم الهول فيه إذا أرسل الله الرياح فاضطربت أمواجه وتقلبت مياهه .
وسابعها : أن الأودية العظام ، مثل :
جيحون وسيحون ، تنصب أبدا إلى
بحيرة خوارزم على صغرها ، ثم إن
بحيرة خوارزم لا تزداد البتة ولا تمتد ، فالحق سبحانه وتعالى هو العالم بكيفية حال هذه المياه العظيمة التي تنصب فيها .
وثامنها :
nindex.php?page=treesubj&link=19788_28659ما في البحار من الحيوانات العظيمة ، ثم إن الله تعالى يخلص السفن عنها ، ويوصلها إلى سواحل السلامة .
وتاسعها : ما في البحار من هذا الأمر العجيب ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مرج البحرين يلتقيان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20بينهما برزخ لا يبغيان ) [ الرحمن : 19 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ) [ فاطر : 12 ] ثم إنه تعالى بقدرته يحفظ البعض عن الاختلاط بالبعض ، وكل ذلك مما يرشد العقول والألباب إلى افتقارها إلى مدبر يدبرها ومقدر يحفظها .
المسألة الخامسة : دل قوله في صفة الفلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164بما ينفع الناس ) [ البقرة : 164 ] على إباحة ركوبها ، وعلى إباحة الاكتساب والتجارة وعلى الانتفاع باللذات .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي كَيْفِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=29620_28659_19788الِاسْتِدْلَالِ بِجَرَيَانِ الْفُلْكِ فِي الْبَحْرِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ ، وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ السُّفُنَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ تَرْكِيبِ النَّاسِ إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْآلَاتَ الَّتِي بِهَا يُمْكِنُ تَرْكِيبُ هَذِهِ السُّفُنِ ، فَلَوْلَا خَلْقُهُ لَهَا لَمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ .
وَثَانِيهَا : لَوْلَا الرِّيَاحُ الْمُعِينَةُ عَلَى تَحْرِيكِهَا لَمَا تَكَامَلَ النَّفْعُ بِهَا .
وَثَالِثُهَا : لَوْلَا هَذِهِ الرِّيَاحُ وَعَدَمُ عَصْفِهَا لَمَا بَقِيَتْ وَلَمَا سَلِمَتْ .
وَرَابِعُهَا : لَوْلَا تَقْوِيَةُ قُلُوبِ مَنْ يَرْكَبُ هَذِهِ السُّفُنَ لَمَا تَمَّ الْغَرَضُ ، فَصَيَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ مَصْلَحَةً لِلْعِبَادِ ، وَطَرِيقًا لِمَنَافِعِهِمْ وَتِجَارَاتِهِمْ .
وَخَامِسُهَا : أَنَّهُ خَصَّ كُلَّ طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْعَالَمِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ، وَأَحْوَجَ الْكُلَّ إِلَى الْكُلِّ ، فَصَارَ ذَلِكَ دَاعِيًا يَدْعُوهُمْ إِلَى اقْتِحَامِهِمْ هَذِهِ الْأَخْطَارَ فِي هَذِهِ الْأَسْفَارِ ، وَلَوْلَا أَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ كُلَّ طَرَفٍ بِشَيْءٍ وَأَحْوَجَ الْكُلَّ إِلَيْهِ لَمَا ارْتَكَبُوا هَذِهِ السُّفُنَ ، فَالْحَامِلُ يَنْتَفِعُ بِهِ لِأَنَّهُ يَرْبَحُ ، وَالْمَحْمُولُ إِلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِمَا حُمِلَ إِلَيْهِ .
وَسَادِسُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=19788_28659تَسْخِيرُ اللَّهِ الْبَحْرَ لِحَمْلِ الْفُلْكِ مَعَ قُوَّةِ سُلْطَانِ الْبَحْرِ إِذَا هَاجَ ، وَعِظَمِ الْهَوْلِ فِيهِ إِذَا أَرْسَلَ اللَّهُ الرِّيَاحَ فَاضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُهُ وَتَقَلَّبَتْ مِيَاهُهُ .
وَسَابِعُهَا : أَنَّ الْأَوْدِيَةَ الْعِظَامَ ، مِثْلَ :
جَيْحُونَ وَسَيْحُونَ ، تَنْصَبُّ أَبَدًا إِلَى
بُحَيْرَةِ خَوَارِزْمَ عَلَى صِغَرِهَا ، ثُمَّ إِنَّ
بُحَيْرَةَ خَوَارِزْمَ لَا تَزْدَادُ الْبَتَّةَ وَلَا تَمْتَدُّ ، فَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْعَالِمُ بِكَيْفِيَّةِ حَالِ هَذِهِ الْمِيَاهِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَنْصَبُّ فِيهَا .
وَثَامِنُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=19788_28659مَا فِي الْبِحَارِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْعَظِيمَةِ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَلِّصُ السُّفُنَ عَنْهَا ، وَيُوَصِّلُهَا إِلَى سَوَاحِلِ السَّلَامَةِ .
وَتَاسِعُهَا : مَا فِي الْبِحَارِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْعَجِيبِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ) [ الرَّحْمَنِ : 19 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) [ فَاطِرٍ : 12 ] ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بِقُدْرَتِهِ يَحْفَظُ الْبَعْضَ عَنِ الِاخْتِلَاطِ بِالْبَعْضِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُرْشِدُ الْعُقُولَ وَالْأَلْبَابَ إِلَى افْتِقَارِهَا إِلَى مُدَبِّرٍ يُدَبِّرُهَا وَمُقَدِّرٍ يَحْفَظُهَا .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : دَلَّ قَوْلُهُ فِي صِفَةِ الْفُلْكِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ ) [ الْبَقَرَةِ : 164 ] عَلَى إِبَاحَةِ رُكُوبِهَا ، وَعَلَى إِبَاحَةِ الِاكْتِسَابِ وَالتِّجَارَةِ وَعَلَى الِانْتِفَاعِ بِاللَّذَّاتِ .