الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) نذر ( صوما ) أو نحوه ( في بلد ) ، ولو مكة ( لم يتعين ) فيلزمه الصوم ويفعله في أي محل شاء ؛ لأنه قربة فيه في محل بخصوصه ولا نظر لزيادة ثوابه فيها ولذا لم يجب صوم الدم فيها بل لم يجز في بعضه ( وكذا صلاة ) ومثلها الاعتكاف كما مر نذرها ببلد أو مسجد لا يتعين لذلك نعم لو عين المسجد للفرض لزمه ، وله فعله في مسجد غيره وإن لم يكن أكثر جماعة فيما يظهر خلافا لمن قيد به لأنا إنما أوجبنا المسجد ؛ لأنه قربة مقصودة في الفرض من حيث كونه مسجدا فليجزئ كل مسجد لذلك ويظهر أن ما يسن فيه من النوافل كالفرض ( إلا المسجد الحرام ) فيتعين للصلاة بالنذر لعظيم فضله وتعلق النسك به وصح أن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة ، بل استنبطت من الأخبار كما بينته في حاشية مناسك المصنف أنها فيه بمائة ألف ألف ألف صلاة في غير مسجد المدينة والأقصى وبه يتضح الفرق بينها وبين الصوم ، والمراد به الكعبة والمسجد حولها مع ما زيد فيه وقيل جميع الحرم ( وفي قول ) إلا المسجد الحرام ( ومسجد المدينة والأقصى ) لمشاركتهما له في بعض الخصوصيات للخبر الصحيح { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد } وبينت معناه في كتابي الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم ( قلت الأظهر تعينهما كالمسجد الحرام والله أعلم ) ونازع فيه البلقيني نقلا ودليلا بما فيه نظر ظاهر ويقوم مسجد مكة مقامهما ومسجد المدينة مقام الأقصى ولا عكس فيهما ثم تلك المضاعفة إنما هي في الفضل فقط لا في الحسبان عن منذور أو قضاء إجماعا [ ص: 96 ] وبحث الزركشي تعين مسجد قباء لصحة الخبر أن ركعتين فيه كعمرة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : نعم لو عين المسجد للفرض لزمه إلخ ) ينبغي أن يقال إن أطلق نذر الفرض في المسجد لزمه فعله فيه ولو فرادى ولو عين مسجدا بعينه لم يتعين وإن قيد بالجماعة لزمه فعله فيه جماعة ولو عين مسجدا بعينه فله العدول إلى مثله جماعة أو أكثر م ر . ( قوله : للفرض ) ظاهره ولو غير جماعة ، وقد يؤيده قوله : ويظهر إلخ لكن قوله وإن لم يكن أكثر جماعة يشعر بخلاف ذلك . ( قوله : وإن لم يكن أكثر جماعة ) في الخادم والمنقول أنه إذا انتقل إلى مسجد غير الذي عينه فإن كانت الجماعة فيه أعظم وأكثر جاز وإلا فلا كذا قاله الفوراني وعدد جماعة ، ثم قال وظاهر كلامه يعني الشافعي يدل على أنه يلزمه صلاة الفرض في المسجد الذي عينه بالنذر إن كانت في جماعة وله أن يسقط ذلك بأن يصلي مع جماعة أكثر منها . ا هـ . وهو يشعر بلزوم الجماعة فهل صورة المسألة أنه نذر الفرض [ ص: 96 ] في المسجد جماعة أو لا فرق بين ذلك وإطلاق نذره في المسجد وعلى كل فهل كذلك في صورة النوافل المذكورة أو لا وعليه فما الفرق فليحرر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ونحوه ) أي : كالقراءة ، والتسبيح ، والتهليل . ( قوله : ولو مكة ) إلى قول المتن ، وكذا صلاة في المغني . ( قوله : ولا نظر إلخ ) عبارة المغني ، وقيل إن عين الحرم تعين ؛ لأن بعض المتأخرين رجح أن جميع القرب تتضاعف فيه فالحسنة فيه بمائة ألف حسنة ، والتضعيف قربة . ا هـ . ( قوله : لزيادة ثوابه إلخ ) يؤخذ منه أن الصوم يزيد ثوابه في مكة على ثوابه في غيرها وهل يضاعف الثواب فيه قدر مضاعفة الصلاة أو لا بل فيه مجرد زيادة لا تصل لحد مضاعفة الصلاة فيه نظر ، وقضية كلام الشارح في الاعتكاف أن المضاعفة خاصة بالصلاة . ا هـ . ع ش أقول ما مر عن المغني آنفا عن بعض المتأخرين صريح في الاحتمال الأول من أن مضاعفة الصوم وغيره من القرب في مكة قدر مضاعفة الصلاة فيها عند القائل بتضاعف جميع القرب في مكة ، وما سيذكره الشارح في شرح إلا المسجد الحرام صريح في الاحتمال الثاني .

                                                                                                                              ( قوله : ولذا لم يجب صوم الدم إلخ ) يعني دم التمتع ، وحاصله أنه لا يجب صوم الدم فيها على الإطلاق وإن كان أكثر ثوابا بل بعضه لا يجزي فيها فضلا عن وجوبه ، وهو صوم دم التمتع . ا هـ . رشيدي . ( قوله : نذرها ببلد إلخ ) صفة صلاة . ( قوله : نعم لو عين المسجد إلخ ) ينبغي أن يقال : إن أطلق نذر الفرض في المسجد لزمه فعله فيه ، ولو فرادى ، ولو عين مسجدا بعينه لم يتعين ، وإن قيد بالجماعة لزمه فعله فيه جماعة ، ولو عين مسجدا بعينه فله العدول إلى مثله جماعة أو أكثر م ر . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : وإن لم يكن أكثر جماعة إلخ ) في الخادم والمنقول أنه إذا انتقل إلى مسجد غير الذي عينه فإن كانت الجماعة فيه أعظم وأكثر جاز ، وإلا فلا كذا قاله الفوراني ، وعدد جماعة . ا هـ . انتهى سم . ( قوله : فيتعين ) إلى قوله ، وبحث الزركشي في المغني إلا قوله : بل استنبطت إلى والمراد ، وقوله : وبينت إلى المتن فيتعين للصلاة أي : ومثلها الاعتكاف . ( قوله : وبه يتضح إلخ ) أي : بقوله ، وصح إلخ . ( قوله : وقيل : جميع الحرم ) الأصح عند النووي أن تضعيف الصلاة يعم جميع الحرم ، ولا يختص بالمسجد ، ولا بمكة كذا نقله ابن زياد في الاعتكاف عن فتاويه عن الكوكب للرداد وأقره ، ولم يتعقبه . ا هـ . سيد عمر عبارة المغني تنبيه المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم لا موضع الطواف فقط جزم الماوردي بأن حرم مكة كمسجدها المضاعفة ، وتبعه المصنف في مناسكه وجزم به الحاوي الصغير ، ونقل الإمام عن شيخه أنه لو نذر الصلاة في الكعبة فصلى في أطراف المسجد خرج عن نذره لأن الجميع من المسجد الحرام وإن كان في الكعبة زيادة فضيلة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبينت معناه إلخ ) عبارة النهاية أي : لا يطلب شدها إلا لذلك . ا هـ . أي فيكون الشد مكروها ، وفي حج في الجنائز أن المراد بالنهي في الحديث الكراهة ع ش . ( قوله : ثم تلك المضاعفة إنما هي في الفضل إلخ ) عبارة المغني ، والروض مع شرحه تنبيه لا يجزئ صلاة واحدة في هذه المساجد عن أكثر منها فلو نذر ألف صلاة في مسجد لم تجزه صلاة واحدة في مسجد المدينة كما لو نذر أن يصلي في مسجد المدينة صلاة لا تجزئه ألف صلاة في غيره ، وإن عدلت بها كما لو نذر قراءة ثلث القرآن فقرأ { قل هو الله أحد } لا تجزئه ، وإن عدلت ثلث القرآن . ا هـ . [ ص: 96 ] قوله : وبحث الزركشي إلخ ) عبارة النهاية ، والمغني ، ولا يلحق بالمساجد الثلاثة مسجد قباء خلافا لما بحثه الزركشي ، وإن صح الخبر بأن ركعتين فيه كعمرة . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية