الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وعلى القاضي قصاص إن ) رجع وحده و ( قال تعمدت ) لاعترافه بموجبه فإن آل الأمر للدية فكلها مغلظة في ماله ؛ لأنه قد يستقل بالمباشرة فيما إذا قضى بعلمه بخلاف ما إذا رجع هو والشهود فإنه يشاركهم كما يأتي على أن الرافعي بحث استواءهما ( وإن رجع هو وهم فعلى الجميع قصاص وإن قالوا تعمدنا ) وعلمنا إلى آخره لنسبة هلاكه إليهم كلهم ( فإن قالوا : أخطأنا فعليه نصف دية ) مخففة ( وعليهم نصف ) كذلك توزيعا على المباشرة والسبب ( ولو رجع مزك ) وحده أو مع من مر ( فالأصح أنه يضمن ) بالقود أو الدية ؛ لأنه بالتزكية يلجئ القاضي للحكم المقتضي للقتل ويفرق بينه وبين ما يأتي في شاهد الإحصان بأن الزنا مع قطع النظر عن الإحصان صالح للإلجاء وإن اختلف الحد والشهادة مع قطع النظر عن التزكية غير صالحة أصلا فكان الملجئ هو التزكية وبه يندفع ما لجمع هنا .

                                                                                                                              [ ص: 282 ] ولو رجع الأصل وفرعه اختص الغرم بالفرع ؛ لأنه الملجئ كالمزكي ( أو ) رجع ( ولي وحده ) دون الشهود ( فعليه قصاص أو دية ) كاملة ؛ لأنه المباشر للقتل وبحث البلقيني أنه لا أثر لرجوعه في قطع الطريق ؛ لأن الاستيفاء لا يتوقف عليه بل لا يسقط بعفوه كما مر ( أو ) رجع الولي ( مع الشهود ) أو مع القاضي والشهود ( فكذلك ) لأنه المباشر فهم كالممسك مع القاتل ( وقيل هو وهم شركاء ) لكن عليه نصف الدية إن وجبت لتعاونهم على القتل

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 281 ] قوله : على أن الرافعي بحث استواءهما ) أي : المسألتين حتى لا يجب كمال الدية عند رجوعه وحده . ( قوله : ولو رجع مزك إلخ ) أي : ولو قبل شهادة الشهود على ما قاله في شرح الروض ولا يخفى إشكاله إذ لا أثر للتزكية قبل الشهادة ولا للرجوع كذلك كما هو ظاهر إلا أن يصور بما لو زكاهم في قضية وقع الحكم فيها ثم رجع المزكي ثم شهدوا عقب ذلك في قضية أخرى وقبلهم الحاكم تعويلا على التزكية السابقة لقرب الزمان وعدم الاحتياج إلى تجديد التزكية وحكم بشهادتهم ومع ذلك فلا يخلو الحكم من إشكال فليتأمل . ثم رأيت شيخنا الشهاب الرملي رد هذا التصوير بأن هذا لا يمكن إيجابه للقصاص ؛ لأن شرطه قصد الشخص ولم يوجد ا هـ . ( قوله أيضا : ولو رجع مزك إلخ ) في شرح البهجة واشترك الجميع أي : جميع من رجع من الشاهد والمزكي والولي وكذا القاضي في لزوم القود فإن آل الأمر إلى الدية فهي عليهم بالسوية أرباعا وهذا ما صححه البغوي إلى أن بين أن النووي صحح أن المؤاخذ الولي وحده وقد يفيد ذلك أنه فيما إذا رجع الشاهد والمزكي وآل الأمر إلى المال وجب الدية عليهما نصفين فليتأمل . ( قوله : أو مع من مر إلخ ) انظر ما على المزكي من الدية [ ص: 282 ] إذا رجع مع الشهود ويحتمل أنه كأحدهم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : رجع وحده ) إلى المتن في المغني إلا قوله وعلمنا إلخ وقوله أو مع من مر . ( قوله : وقال تعمدت ) أي : الحكم بشهادة الزور فإن قال أخطأت فدية مخففة عليه لا على عاقلة كذبته أسنى ومغني . ( قوله : وقال تعمدت ) أي : وعلمت أنه يقتل بحكمي ولم يقل الولي علمت تعمده . ( قوله : لأنه قد يستقل إلخ ) عبارة المغني في شرح فإن قالوا أخطأنا فعليه نصف دية إلخ نصها : قال الرافعي كذا نقله البغوي وغيره وقياسه أنه لا يجب كمال الدية عند رجوعه وحده كما لو رجع بعض الشهود انتهى . ورد القياس بأن القاضي قد يستقل بالمباشرة فيما إذا قضى بعلمه بخلاف الشهود وبأنه يقتضي أنه لا يجب كمال الدية عند رجوع الشهود وحدهم مع أنه ليس كذلك ا هـ . ( قوله : كما يأتي ) أي : في المتن آنفا .

                                                                                                                              ( قوله : بحث استواءهما ) أي : رجوعه وحده أو والشهود ع ش عبارة سم أي : المسألتين حتى لا يجب كمال الدية عند رجوعه وحده ا هـ . وإنما يجب النصف فقط رشيدي . ( قول المتن فعليه ) أي : القاضي وقوله : وعليهم أي : الشهود مغني وع ش . ( قوله : توزيعا على المباشرة والسبب ) يعلم منه أن محل قولهم أن المباشرة مقدمة على السبب بالنسبة للقصاص خاصة لكن ينبغي التأمل في قوله توزيعا على المباشرة والسبب رشيدي . ( قول المتن ولو رجع مزك إلخ ) أي : ولو قبل شهادة الشهود على ما قاله في شرح الروض ولا يخفى إشكاله إذ لا أثر للتزكية قبل الشهادة ولا للرجوع كذلك كما هو ظاهر إلا أن يصور بما لو زكاهم في قضية وقع الحكم فيها ثم رجع المزكي ثم شهدوا عقب ذلك في قضية أخرى وقبلهم الحاكم تعويلا على التزكية السابقة لقرب الزمان وعدم الاحتياج إلى تجديد التزكية وحكم بشهادتهم ومع ذلك فلا يخلو عن إشكال فليتأمل . ثم رأيت شيخنا الشهاب الرملي رد هذا التصوير بأن هذا لا يمكن إيجابه للقصاص لأن شرطه قصد الشخص ولم يوجد انتهى ا هـ سم . ( قوله : أو مع من مر ) في شرح البهجة واشترك الجميع أي : جميع من يرجع من الشاهد والمزكي والولي وكذا القاضي في لزوم القود فإن آل الأمر إلى الدية فهي عليهم بالسوية أرباعا وهذا ما صححه البغوي إلى أن بين أن النووي صحح أن المؤاخذ الولي وحده وقد يفيد ذلك أنه فيما إذا رجع الشاهد والمزكي وآل الأمر إلى المال وجب الدية عليهم نصفين فليتأمل سم . ( قول المتن فالأصح أنه يضمن ) أي : دون الأصل ع ش عبارة الرشيدي قوله : بالقود أو الدية هذا كالصريح في أن القود أو الدية على المزكي وحده ويصرح به قوله : في الفرق الآتي فكان الملجئ هو التزكية وقوله : لأنه الملجئ كالمزكي لكن في الأنوار أنه يشارك الشهود في القود أو الدية فليراجع ا هـ . أقول : وإليه أي : رد ما في الأنوار أشار الشارح بقوله به يندفع ما لجمع هنا . ( قوله : بالقود ) أي : بالشروط المذكورة شرح المنهج أي : إن قال تعمدت ذلك وعلمت أنه يستوفى منه بقوله وجهل الولي تعمده .

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 282 ] ولو رجع الأصل إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ولو رجع فروع أو أصول عن شهادتهما بعد الحكم بشهادة الفروع غرموا وإن رجعوا كلهم فالغارم الفروع فقط ؛ لأنهم ينكرون إشهاد الأصول ويقولون كذبنا فيما قلنا والحكم وقع بشهادتهم ا هـ . ( قوله : لأنه بالتزكية إلخ ) وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين قوله علمت كذبهم وقوله علمت فسقهم وبه صرح الإمام وإن قال القفال محله إذا قال علمت كذبهم فإن قال علمت فسقهم لم يلزمه شيء ؛ لأنهم قد يصدقون مع فسقهم مغني وأسنى . ( قول المتن فكذلك ) أي : يجب القصاص أو الدية على الولي وحده على الأصح مغني . ( قوله : لكن عليه نصف الدية ) أي : والنصف الآخر على الشهود وعلى هذا لو رجع الولي والقاضي والشهود كان على كل الثلث مغني . ( قوله : لتعاونهم إلخ ) أي : فعليهم القود مغني فهو علة للمتن رشيدي




                                                                                                                              الخدمات العلمية