الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويعتبر من الثلث أيضا ) راجع ليعتبر وللثلث لتقدم لفظهما أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلأن هذا عطف على ينبغي المتعلق بالثلث كما أن هذا متعلق به وبهذا مع ما يأتي الصريح في أن محل المعلق بالموت الثلث يندفع ما قيل لم يبين حكم المعلق بالموت من غير العتق الذي هو الأصل ، وإنما بين حكم الملحق به وهو المنجز ( عتق علق بالموت ) في الصحة أو المرض نعم لو قال صحيح لقنه أنت حر قبل مرض موتي بيوم ، ثم مات من مرض بعد التعليق بأكثر من يوم أو قبل موتي بشهر مثلا ، ثم مرض دونه ومات بعد أكثر من شهر [ ص: 24 ] عتق من رأس المال ؛ لأن عتقه وقع في الصحة وكذا لو مات بعد أن مرض شهرا فأكثر كما لو علقه بصفة في الصحة فوجدت في مرضه بغير اختياره ولو أوصى بعتق عن كفارته المخيرة اعتبرت على ما قالا إنه الأقيس عند الأئمة بعدما قالا عن مقابله إنه الأصح الزيادة على الأقل من الإطعام والكسوة من الثلث لحصول الإجزاء بدونه ( وتبرع نجز في مرضه ) أي الموت ( كوقف ) وعارية عين سنة مثلا وتأجيل ثمن مبيع كذلك فيعتبر منه أجرة الأولى وثمن الثانية .

                                                                                                                              وإن باعها بأضعاف ثمن مثلها ؛ لأن تفويت يدهم كتفويت ملكهم ( وهبة وعتق ) لغير مستولدته إذ هو فيه هنا من رأس المال ( وإبراء ) وهبة في صحة وإقباض في مرض باتفاق المتهب والوارث وإلا حلف المتهب ؛ لأن العين في يده وقضيته أنها لو كانت بيد الوارث وادعى أنه ردها إليه أو إلى مورثه وديعة أو عارية صدق الوارث أو بيد المتهب وقال الوارث أخذتها غصبا أو نحو وديعة صدق المتهب وهو محتمل ولو قيل يأتي هنا ما قالوه في تنازع الراهن والواهب مع المرتهن والمتهب في القبض من التفصيل لم يبعد ، ولو ادعى المورث موته من مرض تبرعه والمتبرع عليه شفاءه وموته من مرض آخر أو فجأة فإن كان مخوفا صدق الوارث وإلا فالآخر أي ؛ لأن غير المخوف بمنزلة الصحة [ ص: 25 ] وهما لو اختلفا في وقوع التصرف فيها أو في المرض صدق المتبرع عليه ؛ لأن الأصل دوام الصحة فإن أقاما بينتين قدمت بينة المرض ؛ لأنها ناقلة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله مع ما يأتي ) كأنه يريد قوله وإذا اجتمع تبرعات إلخ ( قوله الذي هو الأصل ) جاءت أصالته من إلحاق المنجز به والذي نعت للمعلق ( قوله بأكثر من يوم ) أي من مرض تأخر عن التعليق أكثر من يوم ، ولعل سبب اعتبار الأكثرية أن معنى الصيغة أنت حر في زمن بينه وبين مرض موتي يوم فلا بد من زمن زائد على اليوم تحصل فيه الحرية ليصدق أنها في زمن بينه وبين المرض يوم ، ولو لم يكن بين التعليق والمرض إلا يوم فقط لم تكن الحرية قبل المرض بيوم بل بأقل بقدر ما حصلت فيه الحرية ، وقد يقال هلا حصلت الحرية مع آخر الصيغة واستغني عن اعتبار تلك الزيادة ، وقد يقال المراد ذلك ولا ينافي اعتبار الأكثرية بناء على أن معنى قوله بعد التعليق بعد ابتداء التعليق فليراجع ( قوله : ثم مرض ) صورة المسألة أنه مرض عشرة أيام مثلا واتصل موته بها ولكن بين موته وبين التعليق أكثر من شهر فيكون العتق واقعا في الصحة ؛ لأنه قبل الموت بشهر ، والمرض في آخر ذلك الشهر ( قوله بعد أكثر من شهر ) أي من التعليق ( قوله [ ص: 24 ] فأكثر ) أي وإن وجدت الصفة حينئذ في المرض ( قوله كما لو علقه بصفة إلخ ) عبارة العباب والعتق إن علق في مرض الموت من الثلث أو في الصحة بصفة وجدت في المرض باختياره كالدخول أو بغير اختياره كالمطر فمن الأصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وعارية عين ) قال في شرح الروض لو انقضت مدتها أي العارية ولو في مرضه ، واسترد العين اعتبرت الأجرة من الثلث ( قوله وتأجيل ثمن مبيع إلخ ) عبارة العباب ولو باعه بمؤجل وحل قبل موته نفذ من الأصل وإلا لم يحل إلخ ( قوله وثمن الثانية ) فإن لم يحتمله الثلث ورد الوارث ما زاد عليه تخير المشتري بين فسخ البيع والإجارة في الثلث بقسطه من الثمن لتشقيص الصفقة عليه قال في الروضة فإن أجاز فهل يزيد ما صحح فيه البيع إذا أدى الثلث فيه وجهان حكاهما في التهذيب أصحهما لا لانقطاع البيع بالرد والثاني نعم ؛ لأن ما يحصل للورثة ينبغي أن تصحح الوصية في مثل نصفه فعلى هذا يصح البيع في قدر نصف المؤدى وهو السدس [ ص: 25 ] بسدس الثمن فإذا أدى ذلك السدس زيد بقدر نصف النصف وهكذا إلى أن يحصل الاستيعاب ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لتقدم لفظهما ) أي لتقدم لفظ يعتبر المال ولفظ من الثلث على هذا أحدهما صريحا والآخر ضمنا ولذا قال أما الأول أي تقدم لفظ يعتبر المال فواضح ؛ لأنه قال ويعتبر المال ، وأما الثاني أي تقدم لفظ من الثلث فلأن هذا أي قوله ويعتبر من الثلث عطف على ينبغي أي المذكور في أول الفصل والمتعلق بالثلث ضمنا ؛ لأنه في قوة ينبغي أن تكون الوصية بالثلث فأقل أي ينبغي أن يكون التبرع الذي علقه بالموت من الثلث ا هـ كردي ، ويرد عليه أن فيه تشبيه الجزئي أي العتق المعلق بالكلي أي التبرع المعلق إلا أن يخص السابق المشبه به بغير العتق ( قوله كما أن هذا ) أي قوله ويعتبر إلخ متعلق به أي بالثلث صريحا ا هـ كردي ( قوله وبهذا ) أي بقوله : وأما الثاني فلأن هذا عطف على ينبغي إلخ ( قوله مع ما يأتي ) كأنه يريد به قوله وإذا اجتمع تبرعات إلخ ا هـ سم عبارة الكردي ( قوله مع ما يأتي ) أي مع ملاحظة ما يأتي فكأنه قال أولا : ويعتبر من الثلث المتعلق بالموت ثم قال ويعتبر أيضا من الثلث عتق علق بالموت ا هـ كردي ( قوله ما قيل لم يبين إلخ ) حاصله أن المصنف لم يبين حكم المعلق بالموت غير العتق المشبه به العتق فلفظ أيضا لغو وقوله الذي هو إلخ صفة المعلق غير العتق وكونه أصلا ؛ لأنه المقصود من الباب ا هـ كردي عبارة سم قوله الذي هو الأصل جاءت أصالته من إلحاق المنجز به ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بأكثر من يوم ) أي من مرض تأخر عن التعليق بأكثر من يوم ، ولعل سبب اعتبار الأكثرية أنه لو لم يكن بين التعليق والمرض إلا يوم فقط لم تكن الحرية قبل المرض بيوم بل بأقل بقدر ما حصلت فيه الحرية ا هـ سم ( قوله ثم مرض إلخ ) صورة المسألة أنه مرض عشرة أيام مثلا ، واتصل موته بها ولكن بين موته والتعليق أكثر من شهر فيكون العتق واقعا في الصحة ا هـ سم ( قوله دونه ) أي مرضا مدته دون شهر ( قوله بعد أكثر إلخ ) أي من [ ص: 24 ] التعليق ا هـ سم ( قوله عتق إلخ ) أي في الصورتين ا هـ ع ش ( قوله وكذا لو مات إلخ ) أي وإن وجدت الصفة حينئذ في المرض ا هـ سم ( قوله كما لو علقه بصفة إلخ ) عبارة العباب والعتق إن علق في مرض الموت فمن الثلث أو في الصحة بصفة وجدت في المرض باختياره كالدخول أو بغير اختياره كالمطر فمن الأصل انتهى ا هـ سم أي فمقتضاها أن قول الشرح بغير اختياره أي السيد ليس بقيد .

                                                                                                                              ( قوله على ما إلخ ) أي على قول قال الشيخان في شأنه أن هذا القول الأقيس إلخ بعد قولهما في شأن مقابله الذي هو اعتبار جميع قيمة العبد من الثلث أنه أي ذلك المقابل الأصح ( قوله الزيادة إلخ ) خلافا للنهاية عبارته ولو أوصى بعتق عن كفارته المخيرة اعتبر جميع قيمة العبد من الثلث لحصول البراءة بدونه حتى لو لم يف الثلث بتمام قيمته ولم تجز الورثة لم تصح الوصية ويعدل إلى الإطعام أو الكسوة ا هـ ومال ع ش إلى ما اختاره الشرح من أن المعتبر من الثلث إنما هو الزائد من القيمة لا جميعها ( قوله بدونه ) أي العتق كالإطعام ع ش وكردي ( قوله وعارية إلخ ) قال في شرح الروض حتى لو انقضت مدة العارية ولو في مرضه واسترد العين اعتبرت الأجرة من الثلث ا هـ ا هـ سم ( قوله وتأجيل ثمن إلخ ) عبارة العباب أي والروض ولو باعه بمؤجل وحل قبل موته نفذ من الأصل وإن لم يحل إلخ انتهت ا هـ سم وعبارة المغني ولو أوصى بتأجيل الحال اعتبر من الثلث وللروياني احتمال أنه لا يعتبر إلا التفاوت قال الزركشي وهو قوي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كذلك ) أي سنة ( قوله فيعتبر منه ) أي الثلث وقوله أجرة الأولى أي العارية كردي وع ش ( قوله وثمن الثانية ) أي المبيعة فإن لم يحتمله الثلث ورد الوارث ما زاد عليه تخير المشتري بين فسخ البيع وإجازته الثلث بقسطه من الثمن لتشقيص الصفقة عليه قال في الروضة فإن أجاز فهل يزيد ما صح فيه البيع إذا أدى الثلث فيه وجهان أصحهما لا لانقطاع البيع بالرد انتهى ا هـ سم ( قوله ؛ لأن تفويت يدهم إلخ ) علة لصورتي العارية والتأجيل عبارة ع ش قوله ؛ لأن تفويت يدهم إلخ قد يقال قضية هذه العلة اعتبار قيمة العين المعارة دون أجرتها لفوات يدهم عنها مدة الإعارة إلا أن يقال : لما صار أصل العارية عدم اللزوم فكأنها لم تخرج عن يدهم على أن العين لم تخرج عن يدهم بدليل أن لهم بيعها مسلوبة المنفعة تلك السنة واعتبار قيمة المبيع من الثلث دون ما زاد عليها من الثمن ؛ لأنه لو فوت ملكه فيها بأن أوصى بها نفسها اعتبرت قيمتها لا غير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لغير مستولدته ) إلى قوله باتفاق المتهب في المغني ( قوله إذ هو لها فيه إلخ ) أي العتق للمستولدة في مرض الموت ينفذ من رأس المال ( قوله وهبة في صحة إلخ ) في عطفه على ما قبله تأمل عبارة المغني ولووهب في الصحة وأقبض في المرض اعتبر من الثلث أيضا إذ لا أثر لتقدم الهبة ا هـ وهي أحسن ( قوله باتفاق المتهب إلخ ) أي على وقوع القبض في المرض ( قوله وإلا حلف المتهب ) أي إن القبض وقع في الصحة فتكون من رأس المال ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وقضيته ) أي التعليل ( قوله وادعى ) أي المتهب وقوله وهو محتمل معتمد ا هـ ع ش ( قوله ولو ادعى إلخ ) ولو ملك في مرض موته أي بلا عوض من يعتق عليه فعتقه من الأصل أي رأس المال وإن اشتراه بثمن مثله صح ، ثم إن كان مديونا بيع للدين وإلا فعتقه من الثلث أو بدون ثمن المثل فقدر المحاباة هبة يعتق من الأصل ولا يتعلق به الدين ، وإذا عتق من الثلث لم يرث أو من الأصل ورث ا هـ نهاية قال ع ش قوله فعتقه من الأصل ظاهره وإن كان عليه دين ، وقوله لم يرث أي ؛ لأنه لو [ ص: 25 ] ورث لتوقف نفوذ عتقه على الإجازة وهي غير صحيحة منه لامتناع إجازته في حق نفسه فيؤدي إرثه إلى عدم إرثه وقوله ورث أي لعدم توقف إرثه حينئذ على إجازة ا هـ ( قوله وهما ) أي الوارث والمتبرع عليه




                                                                                                                              الخدمات العلمية