الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله عز وجل:

كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين قال إني لعملكم من القالين رب نجني وأهلي مما يعملون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم

قال النقاش : إن في مصحف ابن مسعود ، وأبي ، وحفصة رضي الله تعالى عنهم: [ ص: 502 ] "إذ قال لهم لوط" وسقط "أخوهم". واختصرت الياء في الخط واللفظ من قوله: وأطيعون مراعاة لرؤوس الآي أن تتناسب.

ثم وقفهم على معصيتهم البشعة في "إتيان الذكران" وترك فروج الأزواج، والمعنى: ويذر ذلك العاصي في حال المعصية، لا أن معناه: تركوا النساء جملة، وفي قراءة ابن مسعود : "ما أصلح لكم ربكم"، و "عادون" معناه: ظالمون مرتكبون للحظر، فتوعدوه بالإخراج من أرضه فلا يتهم عند ذلك، واقتصر على الإخبار بأنه قال: "لعملهم". و "القلى": بغض الشيء وتركه، ثم دعا بالنجاة فنجاه الله تعالى بأن أمره بالرحلة ليلا، وكانت امرأته تعين عليه قومه فأصابها حجر فهلكت فيمن هلك.

وقوله: في الغابرين معناه: في الباقين، فإما أن يريد: في الباقين من لداتها وأهل سنتها، وهذا تأويل أبي عبيدة ، وإما أن يريد: في الباقين في العذاب النازل بهم، وهو تأويل قتادة ، والمشهور أنها بمعنى: بقي. وغابر الزمان: مستقبله، ولكن الأعشى قد استعمل "غابر الزمان" بمعنى ماضيه في شعر المنافرة المشهور، وقال الزهراوي : يقال للذاهب غابر، وللباقي غابر، و "التدمير": الإهلاك بإمطار الحجارة، وبذلك جرت السير في رجم اللوطي، وباقي الآية بين.

التالي السابق


الخدمات العلمية