قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=31769_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=34قال فاخرج منها فإنك رجيم nindex.php?page=treesubj&link=31769_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=35وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين nindex.php?page=treesubj&link=31769_34264_34513_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=36قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون nindex.php?page=treesubj&link=31769_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=37قال فإنك من المنظرين nindex.php?page=treesubj&link=31769_34264_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=38إلى يوم الوقت المعلوم nindex.php?page=treesubj&link=31771_31772_34106_34264_34513_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين nindex.php?page=treesubj&link=29676_30469_34106_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=40إلا عبادك منهم المخلصين nindex.php?page=treesubj&link=33678_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=41قال هذا صراط علي مستقيم [ ص: 292 ] nindex.php?page=treesubj&link=29676_30469_30525_34148_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين nindex.php?page=treesubj&link=30428_30437_30532_30539_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=43وإن جهنم لموعدهم أجمعين nindex.php?page=treesubj&link=30434_30539_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=44لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم
الضمير في "منها" للجنة وإن لم يجر ذكرها، في القصة تتضمنها، ويحتمل أن يعود الضمير على صيغة الملائكة. و"الرجيم" المشؤوم، أي: المرجوم بالقول والشتم، و
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=35يوم الدين يوم الجزاء، ومنه قول الشاعر:
ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانوا
وسأل إبليس النظرة إلى يوم البعث فأعطاه الله إياها إلى وقت معلوم، واختلف فيه- فقيل: إلى يوم القيامة، أي يكون آخر من يموت من الخلق، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وغيره. وقيل إلى وقت غير معين ولا مرسوم بقيامة ولا غيرها، بل علمه عند الله وحده. وقيل: بل أمره كان إلى يوم
بدر، وأنه قتل يوم
بدر، وهذا -وإن كان روي- فهو ضعيف. والمنظر: المؤخر. وقوله: "رب" مع كفره يخرج على أنه يقر بالربوبية والخلق، وهو الظاهر من حاله وما تقتضيه فيه الآيات والأحاديث، وهذا لا يدفع في صدر كفره.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39بما أغويتني قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة ، وغيره: "أقسم بالإغواء"، كأنه جعله بمنزلة قوله: "رب بقدرتك علي وقضائك"، ويحتمل أن يكون بالسبب، كأنه قال: "رب والله لأغوينهم بسبب إغوائك لي ومن أجله وكفاء له"، ويحتمل أن يكون المعنى تجلدا منه ومبالغة في الجد، أي: "بحالي هذه وبعدي من الخير والله لأفعلن ولأغوين"، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39لأزينن لهم في الأرض أي الشهوات والمعاصي. والضمير في "لهم" لذرية
آدم وإن كان لم يجر لهم ذكر، فالقصة بجملتها حيث وقعت كاملة تتضمنهم، والإغواء: الإضلال".
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج : "المخلصين" بفتح
[ ص: 293 ] اللام، أي الذين أخلصتهم أنت لعبادتك وتقواك، وقرأ الجمهور بكسر اللام، أي الذين أخلصوا الإيمان بك وبرسلك.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=41قال هذا صراط علي مستقيم ، القائل هو الله تبارك وتعالى، ويحتمل أن يكون ذلك بواسطة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك، وحميد، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
وقيس بن عباد، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وغيرهم: "علي مستقيم" من العلو والرفعة، والإشارة بـ "هذا" -على هذه القراءة- إلى الإخلاص، لما استثني إبليس من أخلص قال الله له: هذا الإخلاص طريق رفيع مستقيم لا تنال أنت بإغوائك أهله. وقرأ جمهور الناس: "علي" بياء مشددة مفتوحة، والإشارة بـ "هذا" -على هذه القراءة- إلى انقسام الناس إلى غاو ومخلص، لما قسم إبليس الناس هذين القسمين قال الله له: هذا طريق إلي، أي: هذا أمر مصيره إلي،
والعرب تقول: "طريقك في هذا الأمر على فلان"، أي: إليه يصير النظر في أمرك. وهذا نحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=14إن ربك لبالمرصاد ، والآية -على هذه القراءة- خبر تتضمن وعيدا.
ثم ابتدأ الإخبار عن سلامة عباده المتقين من إبليس، وخاطبه بأنه لا حجة له عليهم ولا ملكة.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظاهر من قوله: "عبادي" الخصوص في أهل الإيمان والتقوى لا عموم الخلق، وبحسب هذا يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إلا من اتبعك مستثنى من غير الأول، والتقدير: لكن من اتبعك من الغاوين لك عليهم سلطان، وإن أخذنا العباد عاما في عباد الناس، إذ لم يقدر الله لإبليس سلطانا على أحد، فإنا نقدر الاستثناء في الأقل في القدر من حيث لا قدر للكفار، والنظر الأول أصوب، وإنما الغرض ألا نقع في استثناء الأكثر من الأقل وإن
[ ص: 294 ] كان الفقهاء قد جوزوه، وقال
أبو المعالي : ليس معروفا في استعمال
العرب ، وهذه الآية أمثل ما احتج به مجوزوه.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا حجة لهم في الآية على ما بينته.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=43وإن جهنم لموعدهم أي موضع اجتماعهم، والموعد يتعلق بزمان ومكان، وقد يذكر المكان ولا يحدد زمان الموعد. و"أجمعين" تأكيد، وفيه معنى الحال، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=44لها سبعة أبواب قيل: إن
nindex.php?page=treesubj&link=30434النار بجملتها سبعة أطباق، أعلاها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم وفيه أبو جهل، ثم الهاوية، وإن في كل طبق منها بابا، فالأبواب -على هذا- بعضها فوق بعض، وعبر في هذه الآية عن النار جملة بجهنم، إذ هي أشهر منازلها وأولها، وهي موضع عصاة المؤمنين الذين لا يخلدون، ولهذا روي أن جهنم تخرب وتبلى. وقيل: إن النار أطباق كما ذكرنا، لكن الأبواب السبعة كلها في جهنم على خط استواء، ثم ينزل من كل باب إلى طبقة الذي يفضي إليه. واختصرت ما ذكر المفسرون في المسافات التي بين الأبواب، وفي هواء النار، وفي كيفية الحال، إذ هي أقوال كثيرة أكثرها لا يستند، وهي في حيز الجائز، والقدرة أعظم منها، عافانا الله من ناره، وتغمدنا برحمته بمنه.
وقوله: "جزء"، قرأ الجمهور بالهمز، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب بضم الزاي، وقرأت فرقة "جز" بشد الزاي دون همز، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11962ابن القعقاع.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=31769_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=34قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=31769_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=35وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ nindex.php?page=treesubj&link=31769_34264_34513_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=36قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31769_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=37قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31769_34264_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=38إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ nindex.php?page=treesubj&link=31771_31772_34106_34264_34513_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=treesubj&link=29676_30469_34106_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=40إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ nindex.php?page=treesubj&link=33678_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=41قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ [ ص: 292 ] nindex.php?page=treesubj&link=29676_30469_30525_34148_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مَنِ الْغَاوِينَ nindex.php?page=treesubj&link=30428_30437_30532_30539_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=43وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=treesubj&link=30434_30539_28986nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=44لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ
الضَّمِيرُ فِي "مِنْهَا" لِلْجَنَّةِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذِكْرُهَا، فِي الْقِصَّةِ تَتَضَمَّنُهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى صِيغَةِ الْمَلَائِكَةِ. وَ"الرَّجِيمُ" الْمَشْؤُومُ، أَيِ: الْمَرْجُومُ بِالْقَوْلِ وَالشَّتْمِ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=35يَوْمِ الدِّينِ يَوْمُ الْجَزَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَمْ يَبْقَ سِوَى الْعُدْوَا ... نِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا
وَسَأَلَ إِبْلِيسُ النَّظِرَةَ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ- فَقِيلَ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَيْ يَكُونُ آخِرَ مَنْ يَمُوتُ مِنَ الْخَلْقِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ إِلَى وَقْتٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَا مَرْسُومٍ بِقِيَامَةٍ وَلَا غَيْرَهَا، بَلْ عِلْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَحْدَهُ. وَقِيلَ: بَلْ أَمْرُهُ كَانَ إِلَى يَوْمِ
بَدْرٍ، وَأَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ
بَدْرٍ، وَهَذَا -وَإِنْ كَانَ رُوِيَ- فَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْمُنْظَرُ: الْمُؤَخَّرُ. وَقَوْلُهُ: "رَبِّ" مَعَ كُفْرِهِ يُخَرَّجُ عَلَى أَنَّهُ يُقِرُّ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْخَلْقِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ وَمَا تَقْتَضِيهِ فِيهِ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ، وَهَذَا لَا يَدْفَعُ فِي صَدْرِ كُفْرِهِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39بِمَا أَغْوَيْتَنِي قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ ، وَغَيْرُهُ: "أَقْسَمَ بِالْإِغْوَاءِ"، كَأَنَّهُ جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: "رَبِّ بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ وَقَضَائِكَ"، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالسَّبَبِ، كَأَنَّهُ قَالَ: "رَبِّ وَاللَّهِ لَأُغْوِيَنَّهُمْ بِسَبَبِ إِغْوَائِكَ لِي وَمِنْ أَجْلِهِ وَكَفَاءً لَهُ"، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى تَجَلُّدًا مِنْهُ وَمُبَالَغَةً فِي الْجِدِّ، أَيْ: "بِحَالِي هَذِهِ وَبُعْدِي مِنَ الْخَيْرِ وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ وَلَأُغْوِيَنَّ"، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ أَيِ الشَّهَوَاتُ وَالْمَعَاصِي. وَالضَّمِيرُ فِي "لَهُمْ" لِذُرِّيَّةِ
آدَمَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَجْرِ لَهُمْ ذِكْرٌ، فَالْقِصَّةُ بِجُمْلَتِهَا حَيْثُ وَقَعَتْ كَامِلَةً تَتَضَمَّنُهُمْ، وَالْإِغْوَاءُ: الْإِضْلَالُ".
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ : "الْمُخْلَصِينَ" بِفَتْحِ
[ ص: 293 ] اللَّامِ، أَيِ الَّذِينَ أَخْلَصْتَهُمْ أَنْتَ لِعِبَادَتِكَ وَتَقْوَاكَ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيِ الَّذِينَ أَخْلَصُوا الْإِيمَانَ بِكَ وَبِرُسُلِكَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=41قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ، الْقَائِلُ هُوَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِوَاسِطَةٍ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضِّحَاكُ، وَحُمَيْدٌ، nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12004وَأَبُو رَجَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ،
وَقَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ، nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ، وَغَيْرُهُمْ: "عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ" مِنَ الْعُلُوِّ وَالرِّفْعَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِـ "هَذَا" -عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ- إِلَى الْإِخْلَاصِ، لَمَّا اسْتُثْنِيَ إِبْلِيسُ مِنْ أَخْلَصَ قَالَ اللَّهُ لَهُ: هَذَا الْإِخْلَاصُ طَرِيقٌ رَفِيعٌ مُسْتَقِيمٌ لَا تَنَالُ أَنْتَ بِإِغْوَائِكَ أَهْلَهُ. وَقَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ: "عَلَيَّ" بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ، وَالْإِشَارَةُ بِـ "هَذَا" -عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ- إِلَى انْقِسَامِ النَّاسِ إِلَى غَاوٍ وَمُخْلِصٍ، لَمَّا قَسَّمَ إِبْلِيسُ النَّاسَ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُ: هَذَا طَرِيقٌ إِلَيَّ، أَيْ: هَذَا أَمْرٌ مَصِيرُهُ إِلَيَّ،
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: "طَرِيقُكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ عَلَى فُلَانٍ"، أَيْ: إِلَيْهِ يَصِيرُ النَّظَرُ فِي أَمْرِكَ. وَهَذَا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=14إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ، وَالْآيَةُ -عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ- خَبَرٌ تَتَضَمَّنُ وَعِيدًا.
ثُمَّ ابْتَدَأَ الْإِخْبَارَ عَنْ سَلَامَةِ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ مِنْ إِبْلِيسَ، وَخَاطَبَهُ بِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ عَلَيْهِمْ وَلَا مَلَكَةَ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: "عِبَادِي" الْخُصُوصُ فِي أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى لَا عُمُومُ الْخَلْقِ، وَبِحَسْبِ هَذَا يَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَالتَّقْدِيرُ: لَكِنْ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ، وَإِنْ أَخَذْنَا الْعِبَادَ عَامًّا فِي عُبَّادِ النَّاسِ، إِذْ لَمْ يُقَدِّرُ اللَّهُ لِإِبْلِيسَ سَلَّطَانَا عَلَى أَحَدٍ، فَإِنَّا نُقَدِّرُ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْأَقَلِّ فِي الْقَدْرِ مِنْ حَيْثُ لَا قَدْرَ لِلْكُفَّارِ، وَالنَّظَرُ الْأَوَّلُ أَصْوَبُ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ أَلَّا نَقَعَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ مِنَ الْأَقَلِّ وَإِنْ
[ ص: 294 ] كَانَ الْفُقَهَاءُ قَدْ جَوَّزُوهُ، وَقَالَ
أَبُو الْمَعَالِي : لَيْسَ مَعْرُوفًا فِي اسْتِعْمَالِ
الْعَرَبِ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ أَمْثَلُ مَا احْتَجَّ بِهِ مُجَوِّزُوهُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا بَيَّنْتُهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=43وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَيْ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهِمْ، وَالْمَوْعِدُ يَتَعَلَّقُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَقَدْ يُذْكَرُ الْمَكَانُ وَلَا يُحَدَّدُ زَمَانُ الْمَوْعِدِ. وَ"أَجْمَعِينَ" تَأْكِيدٌ، وَفِيهِ مَعْنَى الْحَالِ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=44لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ قِيلَ: إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30434النَّارَ بِجُمْلَتِهَا سَبْعَةُ أَطْبَاقٍ، أَعْلَاهَا جَهَنَّمُ، ثُمَّ لَظَى، ثُمَّ الْحَطْمَةُ، ثُمَّ السَّعِيرُ، ثُمَّ سَقَرُ، ثُمَّ الْجَحِيمُ وَفِيهِ أَبُو جَهْلٍ، ثُمَّ الْهَاوِيَةُ، وَإِنَّ فِي كُلِّ طِبْقِ مِنْهَا بَابًا، فَالْأَبْوَابُ -عَلَى هَذَا- بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَعَبَّرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنِ النَّارِ جُمْلَةً بِجَهَنَّمَ، إِذْ هِيَ أَشْهَرُ مَنَازِلَهَا وَأَوَّلُهَا، وَهِيَ مَوْضِعُ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَا يَخْلُدُونَ، وَلِهَذَا رُوِيَ أَنَّ جَهَنَّمَ تُخَرَّبُ وَتَبْلَى. وَقِيلَ: إِنَّ النَّارَ أَطْبَاقٌ كَمَا ذَكَرْنَا، لَكِنَّ الْأَبْوَابَ السَّبْعَةَ كُلَّهَا فِي جَهَنَّمَ عَلَى خَطِّ اسْتِوَاءٍ، ثُمَّ يُنْزَلُ مِنْ كُلِّ بَابٍ إِلَى طَبَقَةِ الَّذِي يُفْضِي إِلَيْهِ. وَاخْتَصَرْتُ مَا ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمَسَافَاتِ الَّتِي بَيْنَ الْأَبْوَابِ، وَفِي هَوَاءِ النَّارِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ الْحَالِ، إِذْ هِيَ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ أَكْثَرُهَا لَا يَسْتَنِدُ، وَهِيَ فِي حَيِّزِ الْجَائِزِ، وَالْقُدْرَةُ أَعْظَمُ مِنْهَا، عَافَانَا اللَّهُ مِنْ نَارِهِ، وَتَغَمَّدَنَا بِرَحْمَتِهِ بِمَنِّهِ.
وَقَوْلُهُ: "جُزْءٌ"، قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالْهَمْزِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ بِضَمِّ الزَّايِ، وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ "جُزٌّ" بِشَدِّ الزَّايِ دُونَ هَمْزٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11962ابْنِ الْقَعْقَاعِ.