الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( بشروط ) - متعلق ب " يصح " - سبعة ( أحدها ) كون مسلم فيه مما يمكن ( انضباط صفاته ) ; لأن ما لا تنضبط صفاته يختلف كثيرا فيفضي إلى المنازعة والمشاقة وعدمها مطلوب شرعا ( كموزون ) من ذهب وفضة وحديد ونحاس ورصاص وقطن وكتان وصوف وإبريسم وشهد وقنب وكبريت ونحوها ( ولو ) كان الموزون ( شحما ) نيئا قيل لأحمد : إنه يختلف ؟ قال كل سلف يختلف ( ولحما نيئا ولو مع عظمه ) ; لأنه كالنوى في التمر ( إن عين محل يقطع منه ) كظهر وفخذ وعلم منه أنه لا يصح في مطبوخ ومشوي ولا في لحم بعظمه إن لم يعين محل قطع لاختلافه ( و ) ك ( مكيل ) من حب وتمر ودهن ولبن ونحوها ( و ) ك ( مذروع ) كثياب وخيوط ( و ) ك ( معدود من حيوان ولو آدميا ) كعبد صفته كذا .

                                                                          و ( لا ) يصح السلم ( في أمة وولدها ) أو أختها ونحوه لندرة جمعهما في الصفة .

                                                                          ( و ) في حيوان ( حامل ) لجهل الولد وعدم تحققه فلا تأتي الصفة عليه وكذا شاة لبون ( ولا ) يصح السلم ( في فواكه معدودة ) كرمان وكمثرى وخوخ وإجاص لاختلافها ولو أسلم فيها وزنا بخلاف نحو عنب ورطب ( و ) لا في ( بقول ) لاختلافها ولا يمكن تقديرها بالحزر . ( و ) لا في ( جلود ) لاختلافها صغرا وكبرا ولا يمكن ذرعها لاختلاف أطرافها .

                                                                          ( و ) لا في ( رءوس وأكارع ) أكثرها العظام والمشافر ولحمها قليل وليست موزونة .

                                                                          ( و ) لا في ( بيض ونحوها ) أي المذكورات كجوز لاختلاف ذلك كبرا وصغرا ( و ) لا في ( أوان مختلفة رءوسا وأوساطا كقماقم ) جمع قمقم بضمتين لاختلافها [ ص: 89 ] فإن لم تختلف رءوسها وأوساطها صح السلم فيها .

                                                                          ( ولا فيما لا ينضبط كجوهر ) ولؤلؤ ومرجان وعقيق ونحوها لاختلافها اختلافا كثيرا صغرا وكبرا ، وحسن تدوير وزيادة ضوء وصفاء . ولا يمكن تقديرها بيض عصفور ونحوه ; لأنه يختلف ولا شيء معين ; لأنه قد يتلف .

                                                                          ( و ) لا في ( مغشوش أثمان ) ; لأن غشه يمنع العلم بالمقصود منه ولما فيه من الغرر ( أو يجمع أخلاطا ) مقصودة ( غير متميزة كمعاجين ) مباحة .

                                                                          ( و ) لا في ( ند وغالية ) لعدم ضبطهما بالصفة ( و ) لا في ( قسي ونحوها ) مما يجمع أشياء مختلفة لا يمكن ضبط قدر كل منها ولا تمييز ما فيها لما تقدم .

                                                                          ( ويصح ) السلم ( فيما ) أي شيء ( فيه لمصلحته شيء غير مقصود كجبن ) فيه نفحة ( و ) ك ( خبز ) وعجين فيه ماء وملح ( و ) ك ( خل تمر ) وزبيب فيه ماء ( و ) ك ( سكنجبين ) وهو ما يجمع من الخل والعسل فيه خل ( ونحوها ) كشيرج فيه ملح ; لأن الخلط يسير غير مقصود بالمعارضة لمصلحة المخلوط فلم يؤثر ( و ) يصح ( فيما يجمع أخلاطا متميزة كثوب ) نسج ( من نوعين ) كقطن وكتان أو إبريسم وقطن .

                                                                          ( و ) ك ( نشاب ونبل مريشين وخفاف ورماح ونحوها ) ; لأنه يمكن ضبطه بصفات لا يختلف ثمنها معها غالبا ( و ) يصح السلم ( في أثمان ) خالصة ; لأنها تثبت في الذمة ثمنا فتثبت سلما كعروض وتقدم حكم مغشوشة ( ويكون رأس المال غيرها ) أي الأثمان كثوب وفرس لئلا يفضي إلى ربا النسيئة ، ولا يكون رأس مالها فلوسا لما يأتي . ( و ) يصح السلم ( في فلوس ) ولو نافقة وزنا وعددا على ما في الإقناع ( ويكون رأس مالها عرضا ) لا نقدا ; لأنها ملحقة بالنقد كما تقدم في ربا النسيئة ( و ) يصح ( في عرض بعوض ) كتمر في فرس وحمار في حمار .

                                                                          و ( لا ) يصح السلم ( إن جرى بينهما ) أي المسلم فيه ورأس ماله ( ربا فيهما ) أي في إسلام عرض في فلوس وعرض في عرض فلو أسلم في فلوس وزنية نحاسا أو حديدا أو في تمر برا ونحوه لم يصح ; لأنه يؤدي إلى بيع موزون بموزون أو مكيل بمكيل نسيئة ( وإن جاءه ) أي جاء المسلم إليه المسلم لعرض في عرض ( بعينه ) أي عين رأس المال ( عند محله ) أي السلم كمن أسلم عبدا صغيرا في عبد كبير إلى عشر سنين مثلا ، فجاءه بعين العبد عند الحلول وقد كبر واتصف بصفات السلم ( لزم ) المسلم ( قبوله ) لاتصافه بصفات المسلم فيه أشبه ما لو جاءه بغيره ولا يلزم عليه اتحاد الثمن والمثمن ; لأن الثمن في الذمة وهذا عوض عنه [ ص: 90 ] ومحله إن لم يكن حيلة كمن أسلم جارية صغيرة في كبيرة إلى أمد تكبر فيه بصفات الصغيرة استمتع بها ويردها عند الأمد بلا عوض وطء فلا يصح . ( تتمة ) يصح السلم في السكر والفانيذ والدبس ونحوه مما مسته نار ; لأن عمل النار فيه معلوم عادة يمكن ضبطه بالنشاف والرطوبة أشبه المجفف بالشمس .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية