الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل وشروطه أي النكاح خمسة وتقدم بيان الشرط . أحدها ( تعيين ) ( الزوجين ) في العقد ، لأن النكاح عقد معاوضة أشبه البيع ( فلا يصح ) النكاح إن قال الولي ( زوجتك بنتي وله ) بنت ( غيرها حتى يميزها ) اسما كفاطمة أو صفة لا يشاركها فيها غيرها من أخواتها كالكبرى أو [ ص: 634 ] الطويلة أو يشير إليها إن كانت حاضرة كهذه ( وإلا ) يكن له إلا بنت واحدة ( فيصح ) النكاح بقوله زوجتك بنتي ( ولو سماها بغير اسمها ) لأنه لا تعدد هنا فلا التباس ( وإن سماها باسمها ) كأن قال زوجتك فاطمة أو الطويلة ( ولم يقل ) بنتي لم يصح العقد ، لاشتراك هذا الاسم أو هذه الصفة بينها وبين سائر الفواطم والطوال ( أو قال من له ) بنتان ( عائشة وفاطمة زوجتك بنتي عائشة فقبل ) الزوج النكاح ( ونويا ) أي الولي والزوج ( فاطمة لم يصح ) النكاح لأنهما لم يتلفظا بما يصح العقد بالشهادة عليه ، فأشبه ما لو قال زوجتك بنتي فقط أو عائشة فقط ولأن اسم أختها لا يميزها بل يصرف العقد عنها كذا ما لو أراد الولي الكبرى والزوج الصغرى ( كمن سمى له في العقد غير مخطوبته فقبل يظنها ) أي غير المخطوبة ( إياها ) أي المخطوبة ، لانصراف القبول إلى غير من وجد الإيجاب فيها . فإن لم يظنها إياها صح العقد ( وكذا زوجتك حمل هذه المرأة ) فلا يصح ، لأن الحمل مجهول ولا يتحقق كونه أنثى ولم يثبت له حكم الوجود ، وكذا إن وضعت زوجتي ابنة فقد زوجتكها ; لأن النكاح لا يصح تعليقه .

                                                                          الشرط ( الثاني رضا زوج مكلف ) أي بالغ عاقل ( ولو ) كان المكلف ( رقيقا ) نصا فليس لسيده إجباره ، لأنه يملك الطلاق فلا يجبر على النكاح كالحر ، ولأنه خالص حقه ونفعه له فلا يجبر عليه كالحر والأمر بإنكاحه في قوله تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } مختص بحال طلبه بدليل عطفه على الأيامى ، وإنما يزوجن عند الطلب ولأن مقتضى الأمر الوجوب وإنما يجب تزويجه إذا طلبه وأما الأمة فالسيد يملك منافع بضعها والاستمتاع بها بخلاف العبد ، والإجارة عقد على منافع بدنه وسيده يملك استيفاءها بخلاف النكاح ( و ) رضا ( زوجة حرة عاقلة ثيب تم لها تسع سنين ) ولها إذن صحيح معتبر فيشترط مع ثيوبتها ويسن مع بكارتها نصا لحديث أبي هريرة مرفوعا { لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا : يا رسول الله وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت } متفق عليه ، وخص بنت تسع لحديث أحمد عن عائشة قالت " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة " .

                                                                          وروي عن ابن عمر مرفوعا ، ومعناه في حكم المرأة ، ولأنها تصلح بذلك للنكاح وتحتاج إليه أشبهت البالغة ( ويجبر أب ثيبا دون ذلك ) أي تسع سنين لأنه إذن لها معتبر ( و ) يجبر أب ( بكرا ولو ) كانت ( مكلفة ) [ ص: 635 ] لحديث ابن عباس مرفوعا { الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها صماتها } رواه أبو داود فقسم النساء قسمين وأثبت الحق لأحدهما فدل على نفيه عن الآخر وهي البكر فيكون وليها أحق منها بها ودل الحديث على أن الاستئمار هنا والاستئذان في الحديث السابق مستحب غير واجب

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية