الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف عنت العزوبية لحاجة المتعة أو ) حاجة ( خدمة ) امرأة له لكبر أو مرض أو غيرهما نصا ، وأدخل القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما الخصي والمجبوب إذا كان له شهوة يخاف معها من التلذذ بالمباشرة حراما وهو عادم الطول وهو ظاهر كلام الخرقي والموفق وغيرهما ( ولو ) كان خوف عنت العزوبية ( مع صغر زوجته الحرة أو غيبتها أو مرضها ) أي زوجته الحرة نصا .

                                                                          ( ولا يجد طولا ) أي مالا ( حاضرا يكفي لنكاح حرة ولو ) كانت الحرة ( كتابية لا غائبا ولو وجد من يقرضه أو رضيت الحرة بتأخير صداقها أو بدون مهر مثلها أو تفويض بضعها أو وهب له فتحل ) له الأمة المسلمة بهذين الشرطين خوف العنت وعدم الطول لقوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا } - إلى قوله - { ذلك لمن خشي العنت منكم } والصبر عن إنكاحها مع الشرطين أولى ، لقوله تعالى : { وأن تصبروا خير لكم } ويقبل قوله في وجود الشرطين . ولو كان بيده مال فادعى أنه وديعة أو مضاربة فإن عدم أحد الشرطين أو كانت الأمة كافرة ولو كتابية لم تحل للمسلم للآية قال في الشرح : أو وجد مالا ولم يزوج لقصور نسبه فله نكاح الأمة أي مع خوف العنت ; لأنه غير مستطيع الطول إلى [ ص: 662 ] حرة تعفه فأشبه من لم يجد شيئا انتهى .

                                                                          وكذا لو لم يجد من يزوجه حرة إلا بزيادة عن مهر مثلها تجحف بماله ( ولو قدر ) عادم الطول خائف العنت ( على ثمن أمة ) قدمه في التنقيح ، ثم قال : وقيل لا ولو كتابية واختاره جمع كثير وهو أظهر انتهى ، وممن اختار القول الثاني القاضي في المجرد ، وأبو الخطاب في الهداية ، والمجد في المحرر ، وابن عقيل وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والمقنع والشرح والحاوي الصغير والوجيز وابن عبدوس وغيرهم واختاره في الإقناع .

                                                                          ( ولا يبطل نكاحها ) أي الأمة إذا تزوجها بالشرطين ( إن أيسر ) فملك ما يكفيه لنكاح حرة ولو نكح حرة عليها أو زال خوف العنت ونحوه ) كما لو نكح أمة لحاجة خدمة لمرض فعوفي منه أو غيبة زوجته فقدمت ; لأن ذلك شرط لابتداء النكاح لا لاستدامته وهي تخالف ابتداءه إذ الردة والعدة وأمن العنت يمنعن ابتداءه دون استدامته ، وقال علي : إذا تزوج الحرة على الأمة قسم ليلتين وللأمة ليلة ( وله ) أي لمن تزوج أمة بشرطه ( إن لم تعفه ) الأمة ( نكاح أمة أخرى ) عليها فإن لم يعفاه فله نكاح ثالثة وهكذا ( إلى أن يصرن أربعا ) لعموم قوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا } إلى آخره .

                                                                          ( وكذا ) له أن يتزوج أمة ( على حرة لم تعفه ) الحرة ( بشرطه ) بأن لا يجد طولا لنكاح حرة ، لعموم الآية .

                                                                          قال أحمد إذا لم يصبر كيف يصنع ؟ فإن كان معه حرة أو أمة تعفه فلا خلاف في تحريم نكاح أمة ، أخرى وإن نكح أمتين في عقد واحد وهو يستعف بواحدة منهما فنكاحهما باطل لبطلانه في إحداهما وليست إحداهما ) بأولى من الأخرى فبطل فيهما كما لو جمع بين أختين ( وكتابي حر في ذلك ) أي نكاح الأمة ( كمسلم ) فلا تحل له إلا بالشرطين وكونها كتابية

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية