الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن تزوج أختين في عقدتين ولا يدري أيتهما أولى فرق بينه وبينهما ) لأن نكاح إحداهما باطل بيقين ، [ ص: 215 ] ولا وجه إلى التعيين لعدم الأولوية ولا إلى التنفيذ مع التجهيل لعدم الفائدة أو للضرر فتعين التفريق ( ولهما نصف المهر ) لأنه وجب للأولى منهما ، وانعدمت الأولوية للجهل بالأولية فيصرف إليهما ، وقيل لا بد من دعوى كل واحدة منهما أنها الأولى أو الاصطلاح لجهالة المستحقة .

التالي السابق


( قوله فإن تزوج أختين في عقدتين ولا يدري أيهما الأولى فرق بينه وبينهما ) هذا تفريع على حرمة الجمع ، وقيد بعقدتين إذ لو كانا في عقدة واحدة بطلا يقينا وبعدم علم الأولية ، إذ لو علم صح النكاح الأول وبطل الثاني ، وله وطء الأولى إلا أن يطأ الثانية فتحرم الأولى إلى انقضاء عدة الثانية ، كما لو وطئ أخت امرأته بشبهة حيث تحرم امرأته ما لم تنقض عدة ذات الشبهة . وفي الدراية عن الكامل : لو زنى بإحدى الأختين لا يقرب الأخرى حتى تحيض الأخرى حيضة وهذا مشكل ، والله سبحانه أعلم .

[ ص: 215 ] قوله ولا وجه إلى التعيين لعدم الأولوية ) طولب بالفرق بين هذا وبين ما إذا طلق إحدى نسائه بعينها ونسيها حيث يؤمر بالتعيين ولا يفارق الكل . وأجيب بإمكانه هناك لا هنا لأن نكاحهن كان متيقن الثبوت ، فله أن يدعي نكاح من شاء معينة منهن تمسكا بما كان متيقنا ولم يثبت هنا نكاح واحدة منهما بعينها ، فدعواه حينئذ تمسك بما لم يتحقق ثبوته ( قوله ولا إلى التنفيذ مع التجهيل ) أي تنفيذ نكاحهما مع جهل المحللة منهما لأنه تنفيذ الجمع بين الأختين أو تنفيذ نكاح إحداهما مع تجهيله بأن ينفذ الأحد الدائر بينهما ( لعدم الفائدة ) وهو حل الاستمتاع إذ لا يقع إلا في معينة ولا حل في المعينة ( أو للضرر ) عليه بإلزامه النفقة وسائر المواجب مع عدم حصول المقصود وعليها بصيرورتها معلقة لا ذات بعل في حق الوطء ولا مطلقة ولتضرر الأولى لو وقع تعيينه لغيرها وهي الصحيحة والثانية لوقوعها في الوطء الحرام ، وفي هذا نظر إذ لا ضرر عليها في الدنيا وهو ظاهر ، ولا في الآخرة لعدم قصد التجانف لإثم ، ولو قال وللضرر بالواو كان أولى لأن كلا منهما لازم للتنفيذ مع التجهيل ( فتعين التفريق ) والظاهر أنه طلاق حتى ينقص من طلاق كل منهما طلقة لو تزوجها بعد ذلك ، فإن وقع قبل الدخول فله أن يتزوج أيتهما شاء للحال أو بعده بهما فليس له بأي واحدة منهما شاء حتى تنقضي عدتهما .

وإن انقضت عدة إحداهما دون الأخرى فله تزوج التي لم تنقض عدتها دون الأخرى كي لا يصير جامعا ، وإن بعده بإحداهما فله أن يتزوجها في الحال دون الأخرى فإن عدتها تمنع من تزوج أختها ( قوله ولهما نصف المهر ) المسمى لهما بناء على أن التفريق قبل الدخول مع تساوي مهريهما جنسا وقدرا سواء برهنت كل واحدة منهما على أنها سابقة أو ادعته فقط ، أما لو قالتا لا ندري السابقة منا لم يقض بشيء فلو كان التفريق بعد الدخول وجب لكل منهما مهرها كاملا . وفي النكاح الفاسد يقضي بمهر كامل وعقر كامل ، ويجب حمله على ما إذا اتحد المسمى لهما قدرا وجنسا ، أما إذا اختلفا فيه فيتعذر إيجاب عقر إذ ليست إحداهما أولى بجعلها ذات العقر من الأخرى لأنه فرع الحكم بأنها [ ص: 216 ] الموطوءة في النكاح الفاسد ، هذا مع أن الفاسد ليس حكم الوطء فيه إذا سمي فيه العقر بل الأقل من المسمى ومهر المثل ، ولو اختلفا جنسا أو قدرا قضي لكل واحدة بربع مهرها ، وإن لم يكن في العقد تسمية تجب متعة واحدة لهما بدل نصف المهر .

وكل هذه الأحكام المذكورة بين الأختين ثابتة بين كل من لا يجوز جمعه من المحارم ، والتقييد المذكور بقوله وقيل لا بد من دعوى كل واحدة منهما : أي دعواها أنها الأولى أو يصطلحان بأن يقولا نصف المهر لنا عليه لا يعدونا فنصطلح على أخذه ، وما ذكره المشايخ يندفع به قول أبي يوسف إنه لا شيء لهما لجهالة المقضي لها ، فهو كما لو قال لأحد هذين عندي ألف لا يقضي بشيء لجهالة المقضي له . وعن محمد أن عليه مهرا كاملا بينهما نصفان ، لأن الزوج أقر بجواز نكاح إحداهما فيجب مهر كامل . وجوابه أنه يستلزم إيجاب القضاء بما تحقق عدم لزومه ، فإن إيجاب كماله حكم الموت أو الدخول




الخدمات العلمية