الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يجمع بين امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يجز له أن يتزوج بالأخرى ) لأن [ ص: 218 ] الجمع بينهما يفضي بالقطيعة والقرابة المحرمة للنكاح محرمة للقطع ، ولو كانت المحرمية بينهما بسبب الرضاع يحرم لما روينا من قبل .

التالي السابق


( قوله ولا يجمع بين امرأتين لو كانت كل واحدة منهما ذكرا لم يجز له أن يتزوج بالأخرى ) ثنى بعد ذكر ذلك الفرع بأصل كلي يتخرج عليه هو وغيره كحرمة الجمع بين عمتين وخالتين ، وذلك أن يتزوج كل من رجلين أم الآخر فيولد لكل منهما بنت فيكون كل من البنتين عمة للأخرى ، أو يتزوج كل من رجلين بنت الآخر ويولد لهما بنتان فكل من البنتين خالة للأخرى فيمتنع الجمع بينهما . والدليل على اعتبار الأصل المذكور ما ثبت في الحديث برواية الطبراني وهو قوله { فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم } وروى أبو داود في مراسيله عن عيسى بن طلحة قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على قريبتها مخافة القطيعة } [ ص: 218 ] فأوجب تعدي الحكم المذكور وهو حرمة الجمع إلى كل قرابة يفرض وصلها وهو ما تضمنه الأصل المذكور ، وبه تثبت الحجة على الروافض والخوارج وعثمان البتي على ما نقل عنه وداود الظاهري في إباحة الجمع بين غير الأختين ، وقد روي في خصوص العمتين والخالتين حديث عن خصيف عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنه كره أن يجمع بين العمة والخالة وبين العمتين والخالتين } وإن تكلم في خصيف فالوجه قائم بغيره وهذا مؤيد ( قوله والقرابة المحرمة للنكاح ) أي بمقتضى آية المحرمات ( محرمة للقطع ) على اسم الفاعل فيهما وفي الجمع القطع فلا يحل .

وفي بعض النسخ محرمة للقطع على اسم المفعول في الثاني أي إنما حرمت للقطع فإنه عادة يقع التشاجر بين الزوجتين فيفضي إلى القطيعة فلذلك حرمت تلك القرابات المنصوص عليهن في الآية أعني { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } إلى آخرها على الرجل ، وإن كان في بعضها غير ذلك أيضا كمنافاة الاحترام الواجب للأمهات والعمات والخالات بالافتراش فيمكن إدراجه في القطيعة ، ولا شك أن الجمع أفضى إليه لأكثرية المضارة بين الضرائر فكانت حرمة الجمع أولى من حرمة الأقارب ( قوله ولو كانت المحرمية بينهما ) أي بين المرأتين ( بسبب الرضاع لا يحل الجمع لما روينا من قبل ) وهو قوله صلى الله عليه وسلم { يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب } فلا يجوز أن يجمع بين أختين من الرضاع ، أو امرأة وابنة أخ لها من الرضاع لأنها عمتها ، أو امرأة وابنة أختها من الرضاع لأنها خالتها من الرضاع




الخدمات العلمية