الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن ) ( أخر قضاء رمضان ) أو شيئا منه ( مع إمكانه ) بأن كان صحيحا مقيما ( حتى دخل رمضان آخر ) ( لزمه مع القضاء لكل يوم مد ) وهو آثم كما في المجموع لخبر فيه ضعيف لكنه روي

                                                                                                                            [ ص: 196 ] موقوفا على راويه بإسناد صحيح ، ويعضده إفتاء ستة من الصحابة ولا مخالف لهم ولتعديه بحرمة التأخير حينئذ ، وإنما جاز تأخير قضاء الصلاة إلى ما بعد صلاة أخرى مثلها بل إلى سنين ، لأن تأخير الصوم إلى رمضان آخر تأخير إلى زمن لا يقبله ولا يصح فيه فهو كتأخيره عن الوقت ، بخلاف قضاء الصلاة فإنه يصح في كل الأوقات ، ولا يرد عليه أنه يقتضي مجيء الحكم فيما هو قبيل عيد النحر إذ التأخير إليه تأخير لزمن لا يقبله لأن المراد تأخيره إلى زمن هو نظيره لا يقبله فانتفى العيد على أن إيراد ذلك غفلة عن قولهم في الإشكال مثلها ، وخرج بإمكانه ما لو أخره بعذر كأن استمر مسافرا أو مريضا أو المرأة حاملا أو مرضعا إلى قابل فلا شيء عليه بالتأخير ما دام العذر باقيا وإن استمر سنين لأن ذلك جائز في الأداء بالعذر ففي القضاء به أولى ، ولا فرق في ذلك كما اقتضاه كلامهما كغيرهما ، وصرح به المتولي وغيره بين من فاته شيء بعذر وغيره ، لكن سيأتي في صوم التطوع تبعا لما نقله في الروضة عن التهذيب وأقره أن التأخير للسفر حرام ، وقضيته لزومها ويمكن أن يقال : لا يلزم من الحرمة الفدية ، وقضية كلامهما أنه لو شفى أو أقام مدة تمكن فيها من القضاء ثم سافر في شعبان مثلا ولم يقض فيه لزوم الفدية وهو ظاهر وإن نظر فيه الإسنوي ، وأخذ الأذرعي من كلامهم أن التأخير جهلا أو نسيانا عذر فلا فدية به ، وسبقه لذلك الروياني لكن خصه بمن أفطر بعذر ، والأوجه عدم الفرق ، وبحث بعضهم سقوط الإثم به دون الفدية ومثلهما الإكراه كما في نظائر ذلك وموته أثناء يوم يمنع تمكنه فيه ( والأصح تكرره ) أي المد إذا لم يخرجه ( بتكرر السنين ) لأن الحقوق المالية لا تتداخل بخلافه في نحو الهرم لا يتكرر بذلك لانتفاء التقصير .

                                                                                                                            أما القن فلا تلزمه الفدية قبل العتق بتأخير القضاء كما أخذه بعض المتأخرين من كلام الرافعي في نظيره ، لأن هذه فدية مالية لا مدخل للصوم

                                                                                                                            [ ص: 197 ] فيها والعبد ليس من أهلها لكن هل تجب عليه بعد عتقه ؟ والأوجه عدم الوجوب .

                                                                                                                            وقيل نعم أخذا من قولهم ولزمت ذمة عاجز وما فرق به البغوي من أنه لم يكن من أهل الفدية وقت الفطر بخلاف الحر صحيح ، وإن زعم بعضهم أنه يمكن الجواب عنه بأن العبرة في الكفارة بوقت الأداء لا بوقت الوجوب لظهور الفرق وهو أن المكفر ثم أهل للوجوب في حالتيه ، وإنما اختلف وصفه بخلاف ما هنا فإنه غير أهل لالتزام الفدية وقت الوجوب ومقابل الأصح لا تتكرر كالحدود .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : صحيحا مقيما ) أي وحرا لما يأتي من قوله : أما القن إلخ ، ولا فرق في الحر بين كونه حر الكل أو البعض أخذا من تعليل الاحتراز بالحر عن الرقيق لأنه لا تركة له فيخرج عن المبعض مما خلفه عن كل يوم مد كما

                                                                                                                            [ ص: 196 ] تقضى ديونه من تركته ، ولا فرق في وجوب المد لكل يوم بين كونه بينه وبين سيده مهايأة أم لا : أي ولم تكن المرأة حاملا أو مرضعا أخذا مما مر ويأتي ( قوله : قضاء الصلاة ) أي حيث فاتته بعذر ( قوله : إذ التأخير إليه ) أي إلى يوم عيد النحر ( قوله : لا يقبله ) جملة حالية ( قوله : وخرج بإمكانه ما لو أخره بعذر كأن استمر إلخ ) وينبغي أن منه ما لو نذر صوم شعبان في كل سنة وفاتته شيء من رمضان ولم يتمكن من قضائه حتى دخل شعبان فيعذر في تأخير قضاء رمضان إلى شوال مثلا لأن صوم شعبان استحق عليه بالنذر قبل استحقاق صومه عن القضاء ( قوله : ولا فرق في ذلك ) أي في لزوم الفدية بالتأخير ( قوله بين من فاته شيء ) معتمد ( قوله : أن التأخير ) أي تأخير قضاء رمضان بسبب السفر ( قوله : أن التأخير جهلا ) ومراده الجهل بحرمة التأخير وإن كان مخالطا للعلماء لخفاء ذلك لا بالتكرر فلا يعذر لجهله نظير ما مر فيما لو علم حرمة التنحنح وجهل البطلان به ا هـ حج ا هـ زيادي ( قوله : والأوجه عدم الفرق ) أي بين من أفطر لعذر وغيره ، فكل من الجهل والنسيان عذر مطلقا ( قوله سقوط الإثم به ) أي الجهل ( قوله : وموته أثناء يوم ) أي ولو كان مفطرا لتبين أنه ليس من أهل صوم ذلك اليوم ( قوله : يمنع تمكنه فيه ) أي فلا يكون سببا في تكرر الفدية ( قوله بتكرر السنين ) أي بقيده المار في كلام المصنف وهو الإمكان ، وعبارة سم على منهج : فرع : إذا تكرر التأخير هل يعتبر الإمكان في كل عام أم يكفي لتكرر الفدية

                                                                                                                            [ ص: 197 ] وجود الإمكان في العام الأول الظاهر الأول كما يرشد إليه قول البغوي أن المتعدي بالفطر لا يعذر بالسفر في القضاء ا هـ .

                                                                                                                            الذي تحرر في مجلس مر معه بحضرة العلامة الطبلاوي الأول



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 196 ] قوله : غفلة عن قولهم في الإشكال ) أي المقدر في قوله وإنما جاز تأخير الصلاة إلى ما بعد صلاة أخرى مثلها إذ هو جواب عن إشكال مقدر كما لا يخفى ( قوله : ولا فرق في ذلك ) أي في عدم لزوم الفدية في التأخير لعذر ( قوله : إن التأخير للسفر حرام ) أي فيما إذا كان الفوات لغير عذر ( قوله وبحث بعضهم سقوط الإثم به ) الضمير لما ذكر من الجهل والنسيان ( قوله : أما القن إلخ ) كأنه توهم أنه قيد فيما مر لزوم الفدية بالحر ، وأنه سقط من النسخ وإلا [ ص: 197 ] فلا موقع للتعبير بأما هنا




                                                                                                                            الخدمات العلمية