الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3102 81 - حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير ، قال أبو هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ، من خلق كذا ، حتى يقول من خلق ربك ، فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا غير مرة .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن عبد الملك بن شعيب وعن زهير بن حرب وعبد بن حميد وعن هارون بن معروف ومحمد بن عباد ، وعن محمود بن غيلان . وأخرجه أبو داود في السنة عن هارون بن معروف به . وأخرجه النسائي في اليوم والليلة ، عن محمد بن منصور وعن أحمد بن سعيد ، وعن هارون بن سعيد .

                                                                                                                                                                                  قوله : " من خلق كذا " وفي رواية مسلم " لا يزال الناس يسألون حتى يقولوا هذا خلق الله فمن خلق الله " .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فليستعذ بالله " وفي رواية مسلم " فليقل آمنت بالله " ولأبي داود " فإذا قالوا ذلك فقولوا الله أحد الله الصمد الآية ، ثم ليتفل عن يساره ثلاثا ، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم " ومعنى فليستعذ أي قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من الأعراض والشبهات الواهية الشيطانية . قوله : " ولينته " أي عن الاسترسال معه في ذلك بإثبات البراهين القاطعة الحقانية على أن لا خالق له بإبطال التسلسل ونحوه ، وقال الطيبي : " لينته " أي ليترك التفكر في هذا الخاطر ، وليستعذ بالله من وسوسة الشيطان ، فإن لم يزل التفكر بالاستعاذة فليقم وليشتغل بأمر آخر ، وإنما أمره بذلك ولم يأمره بالتأمل والاحتجاج ; لأن العلم باستغنائه عن الموجد أمر ضروري لا يقبل المناظرة له وعليه ، ولأن السبب في مثله إحساس المرء في عالم الحس ، وما دام هو كذلك لا يزيد فكره إلا زيغا عن الحق ، ومن كان هذا حاله فلا علاج له إلا اللجاء إلى الله تعالى ، والاعتصام بحوله وقوته ، وقال المازري : الخواطر على قسمين فالتي لا تستقر ولا تجلبها شبهة هي التي تدفع بالإعراض عنها وعلى هذا ينزل الحديث ، وعلى مثلها يطلق اسم الوسوسة .

                                                                                                                                                                                  وأما الخواطر المستقرة الناشئة عن الشبهة ، فهي لا تندفع إلا بالنظر والاستدلال .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية