الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1567 235 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، قالت: فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "افعلي كما يفعل الحاج" إلى آخره، وقد مضى هذا الحديث في "باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت" في كتاب الحيض، عن أبي نعيم، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن عائشة.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه أيضا في "باب: كيف كان بدء الحيض" في أول كتاب الحيض بأتم منه، فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله المديني، عن سفيان قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم، سمعت القاسم يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: "خرجنا لا نرى إلا الحج" الحديث.

                                                                                                                                                                                  قوله: "حتى تطهري" بفتح التاء والطاء المهملة المشددة وتشديد الهاء أيضا، وأصله تتطهري فحذفت إحدى التاءين، ومعناه: حتى تغتسلي وتطهري بالغسل، ويؤيده أن في رواية مسلم "حتى تغتسلي" وقال ابن بطال: العلماء مجمعون أن الحائض تشهد المناسك كلها غير الطواف بالبيت.

                                                                                                                                                                                  وقال المهلب: إنما منعت الحائض [ ص: 293 ] من الطواف على غير طهارة؛ تنزيها للمسجد عن النجاسات، ولأمره صلى الله عليه وسلم الحيض في العيدين بالاعتزال.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين: وقول عائشة: "ولم أطف بالبيت" تريد أن طواف العمرة منعها منه حيضها.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كما يفعل الحاج" لا يكون إلا بأن يردف الحج على العمرة، قال: وقيل: "كانت حاجة" ذكره ابن عبد الملك، ولا يصح لها السعي، وإن كان يصح فعله بغير طهارة كان الطواف قبله، وذلك لا يصح حتى تطهر، ولا يكون السعي مفردا، ويصح إفراد الطواف.

                                                                                                                                                                                  وقال صاحب التلويح: وكأن البخاري فهم أن قوله صلى الله عليه وسلم لها: "افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي" أنها تسعى، فبوب: "وإذا سعى على غير وضوء" انتهى.

                                                                                                                                                                                  قلت: ليس الأمر كما ذكره، وإنما قوله: "وإذا سعى" إلى آخره من الترجمة كما ذكرنا، وأشار بها إلى الخلاف في اشتراط الطهارة في السعي; فلذلك لم يجزم بالحكم، غير أنه لم يذكر في الباب شيئا يدل عليه، واكتفى بمجرد ذكر هذه الترجمة. فافهم.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية