الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      فروع الأول : قد راعى الشافعي وأصحابه خلاف الخصم في مسائل كثيرة ، وهو إنما يتمشى على القول بأن مدعي الإصابة لا يقطع بخطأ مخالفه ، وذلك لأن المجتهد لما كان يجوز خلاف ما غلب على ظنه ونظر في متمسك خصمه فرأى له موقعا راعاه على وجه لا يخل بما غلب على ظنه ، وأكثره من باب الاحتياط والورع ، وهذا من دقيق النظر والأخذ بالحزم . وقال القرطبي :

                                                      [ ص: 311 ] ولذلك راعى مالك الخلاف ، قال : وتوهم بعض أصحابه أنه يراعي صورة الخلاف وهو جهل أو عدم إنصاف . وكيف هذا وهو لم يراع كل خلاف وإنما راعى خلافا لشدة قوته . قلت : وقد يراعي الشافعي الخلاف المشدد على نفسه دون غيره ، ولهذا لما قرر القصر على مرحلتين قال : فأما أنا فأحب أن لا أقصر في أقل من ثلاثة أيام احتياطا على نفسي . قال القاضي أبو الطيب : وهو كقوله : إذا مرض الإمام أنه يصلي قاعدا والناس قيام خلفه . و لا أفضل له أن يستخلف من يصلي بهم حتى يخرج من الخلاف . وله نظائر كثيرة . على أن الإبياري استشكل استحباب الخروج من الخلاف ، فإن الأمة إذا اختلفت على قولين بالتحريم والإباحة فالقول بأن الترك متعلق بالثواب ، والفعل جائز قول لم يقل به أحد . نعم ، الورع يليق به . ثم اعلم أن عين الخلاف لا ينتصب شبهة ولا يراعى بل النظر إلى المأخذ وقوته . قال الروياني في باب الشهادات من البحر " : لو كان الخلاف بنفسه ينتصب شبهة لاستوت المسألتان ، يعني مسألة إيجاب الحد على الحنفي بشرب النبيذ وشهادته ، وإنما الشبهة في الدلائل .

                                                      .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية