الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: تحيتهم يوم يلقونه سلام : هذا كقوله والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم [الرعد: 23- 24]، قال البراء بن عازب: لا يقبض ملك الموت روح مؤمن حتى يسلم عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج: هذا في الجنة، واستشهد بقوله: وتحيتهم فيها سلام [يونس: 10]

                                                                                                                                                                                                                                      وفرق المبرد بين التحية والسلام، فقال: التحية تكون لكل دعاء، والسلام مخصوص، واستدل بقوله: ويلقون فيها تحية وسلاما [الفرقان: 75].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا أي: شاهدا على [ ص: 306 ] أمتك بالبلاغ، ومبشرا من أطاع بالجنة، ونذيرا من النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وداعيا إلى الله بإذنه أي: بأمره.

                                                                                                                                                                                                                                      وسراجا منيرا أي: وذا سراج منير؛ يعني: القرآن، روي معناه عن ابن عباس، وقيل: (السراج المنير): النبي صلى الله عليه وسلم على التمثيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم أي: أعرض عنهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يؤذون الله ورسوله أي: يؤذون أولياء الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنها نزلت في الذين طعنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج صفية بنت حيي بن أخطب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا : أي: يرمونهم بغير ما عملوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض الآية: قال عكرمة، وشهر بن حوشب: معناه الذين في قلوبهم الزنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لنغرينك بهم أي: لنحرشنك عليهم، ابن عباس: لنسلطنك عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا : [قيل: المعنى: إلا وقتا قليلا]، وقيل: المعنى: لا يجاورونك فيها إلا وهم قليلون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 307 ] قتادة: أراد المنافقون أن يظهروا ما يسرونه من النفاق؛ فتوعدهم الله بهذه الآية، فكتموا نفاقهم.

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد: قد أغراه الله بهم في قوله: أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا [الأحزاب: 61]؛ فهذا فيه معنى الأمر بأخذهم، وقتلهم؛ المعنى: هذا حكمهم إذا أقاموا على النفاق والإرجاف في المدينة، وقد أغراه الله بهم في قوله: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره [التوبة: 84].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: بل انتهوا عن الإرجاف، فلم يغره بهم، وقيل: نزل ذلك في قوم بأعيانهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه حتى مات، والمعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم، وتأخير وعيدهم، وقد قال عمرو بن عبيد لأبي عمرو بن العلاء: يا أبا عمرو؛ أيخلف الله وعده؟ قال: لا، قال: أفرأيت من أوعده الله على عمل عقابا؛ أيخلف وعده فيه، فقال أبو عمرو: من العجمة أتيت يا أبا عثمان؛ إن الوعد غير الوعيد؛ إن العرب لا تعد عارا ولا خلفا أن توعد شرا ثم لا تفعله، بل تعده كرما وفضلا، وإنما [ ص: 308 ] الخلف أن تعد خيرا ثم لا تفعله، فقال: أوجدني هذا في كلام العرب؟ فأنشده: [من الطويل]


                                                                                                                                                                                                                                      ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ولا أختي من خشية المتهدد     وإني وإن أوعدته أو وعدته
                                                                                                                                                                                                                                      لمخلف إيعادي ومنجز موعدي



                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا : روي أن أذاهم إياه أنهم اتهموه بقتل هارون، فأحيا الله تعالى هارون، فأخبرهم أن موسى لم يقتله.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن علي رضي الله عنه: أن الله أمر الملائكة، فحملت هارون، ومرت به على مجالس بني إسرائيل، وتكلمت الملائكة بموته، ثم دفن.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 309 ] وقيل: كان أذاهم له، أن قالوا -وقد رواه كثير التستر-: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب به؛ إنما برص، أو أدرة، أو آفة؛ فأراد الله تعالى أن يبرئه، فوضع ثوبه يوما ما على حجر، وجعل يغتسل، فعدا الحجر بثوبه، فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر وهو يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه سالما من الآفات، ووقف الحجر، فأخذ ثوبه، روي معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وكان عند الله وجيها : لأنه تعالى تولى كلامه بنفسه؛ ومعنى الآية: لا تؤذوا محمدا كما آذت بنو إسرائيل موسى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: اتقوا الله وقولوا قولا سديدا أي: صوابا، الحسن: صدقا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية