الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وليجنب الصبيان الحرير .

التالي السابق


( وليجنب الصبيان) لبس ( الحرير) ندبا، والحرمة إنما تختص بالبالغين، وأشار بهذا إلى جواز شهود الصبيان المصلى، وقد عقد البيهقي على ذلك بابا في السنن فقال: باب خروج الصبيان إلى العيد ذكر فيه: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج نساءه وبناته في العيدين، وذكر عن عائشة أنها كانت تحلي بني أختها الذهب، ثم قال: إن كان حفظه الراوي في البنين، فدل على جواز ذلك ما لم يبلغوا قال: وكان الشافعي يقول: ويلبس الصبيان أحسن ما يقدر عليه ذكورا كانوا أو إناثا، ويلبسون الحلي المصبغ يعني يوم العيد قال: وكان مالك يكرهه .

قلت: والكلام مع البيهقي في هذا الباب أن في سياق حديثه الأول، ليس فيه خروج الصبيان فهو غير مطابق للباب، وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف في باب من رخص خروج النساء إلى العيدين فأصاب قال فيه: حدثنا حفص بن غياث، عن حجاج، عن عبد الرحمن بن عابس، عن ابن عباس رفعه: كان يخرج بناته، ونساءه إلى العيدين.

وأما أثر عائشة ففي سنده إبراهيم الصائغ، قال أبو حاتم: لا يحتج به. ورواه عن الصائغ داود بن أبي الفرات، قال أبو حاتم: ليس بالمتين، وتحلية البنين مشكل؛ لأنهم يؤمرون بالطاعات، وينهون عن المحرمات تخلقا؛ قال صلى [ ص: 389 ] الله عليه وسلم: "مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، والصبي وإن لم يكن مخاطبا فوليه مخاطب فيمنع من إلباسه؛ ولهذا لما أخذ الحسين تمرة من الصدقة فجعلها في فيه، قال عليه السلام: "كخ كخ ارم بها" قال النووي في هذا الحديث: إن الصبيان يوقون ما توقاه الكبار، ويمنعون من تعاطيه، وهذا واجب على الولي، ثم خالف النووي هذا الكلام في الروضة، فقال: وهل للولي إلباس الصبي الحرير؟ فيه أوجه: أصحها يجوز قبل سبع سنين، ويحرم بعدها، وبه قطع البغوي . والثاني: يجوز مطلقا. والثالث: يحرم مطلقا .

قلت: الأصح الجواز مطلقا. كذا صححه المحققون؛ منهم الرافعي في المحرر، وبه قطع الفوارني، قال صاحب البيان: هو المشهور، ونص الشافعي والأصحاب على تزين الصبيان يوم العيد بحلي الذهب، والمصبغ، ويلحق به الحرير، والله أعلم.. اهـ كلامه .

وقال البغوي في التهذيب: يجوز للصبيان لبس الديباج؛ لأنه لا خطاب عليهم، غير أنه إذا بلغ الصبي سنا يؤمر فيه بالصلاة ينهى عن لبسه حتى لا يعتاد .




الخدمات العلمية