الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الصيام في السفر

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر فأفطر الناس وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          7 - باب ما جاء في الصيام في السفر

                                                                                                          653 651 - ( مالك ، عن ابن شهاب ) محمد بن مسلم الزهري ( عن عبيد الله ) بضم العين ( ابن عبد الله ) بفتحها ( ابن عتبة ) بضمها وإسكان الفوقية ( ابن مسعود ، عن عبد الله بن عباس ) قال الحافظ أبو الحسن القابسي : هذا من مرسلات الصحابة ؛ لأن ابن عباس كان في هذه السنة مقيما مع أبويه بمكة فلم يشاهد هذه القصة وكأنه سمعه من غيره من الصحابة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح في ) يوم الأربعاء بعد العصر لعشر خلون من ( رمضان ) سنة ثمان من الهجرة ( فصام حتى بلغ الكديد ) بفتح الكاف وكسر الدال المهملة الأولى فتحتية فمهملة ، موضع بينه وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها ، وبينه وبين مكة ثلاثة [ ص: 246 ] أو مرحلتان وهذا تعيين للمسافة ، فلا ينافي رواية البخاري عن ابن عباس ، الكديد : الماء الذي بين قديد وعسفان ، ولابن إسحاق بين عسفان وأمج ؛ بفتح الهمزة والميم وجيم خفيفة ، اسم واد بقديد ، ( ثم أفطر فأفطر الناس ) معه " لأنه بلغه أن الناس شق عليهم الصيام ، وقيل له : إنما ينظرون فيما فعلت ، فلما استوى على راحلته بعد العصر دعا بإناء من ماء فوضعه على راحلته ليراه الناس فشرب فأفطر فناوله رجلا إلى جنبه فشرب ، فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ، فقال : أولئك العصاة أولئك العصاة " رواه مسلم والترمذي عن جابر .

                                                                                                          وفي الصحيحين عن طاوس عن ابن عباس : " ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه " ، وفي أبي داود : " إلى فيه فأفطر " ، وللبخاري عن عكرمة عن ابن عباس : " بإناء من لبن أو ماء فوضعه على راحته أو راحلته " بالشك فيهما ، قال الداودي : يحتمل أن يكون دعا باللبن مرة وبالماء مرة ، ورده الحافظ بأنه لا دليل على التعدد ، فإن الحديث واحد والقصة واحدة ، وإنما شك الراوي ، فتقدم عليه رواية من جزم بالماء ، وأبعد الداودي أيضا في قوله : كانت قصتين إحداهما في الفتح والأخرى في حنين ، ا هـ .

                                                                                                          قال المازري : واحتج به مطرف ومن وافقه من المحدثين ، وهو أحد قولي الشافعي أن من بيت الصوم في رمضان له أن يفطر ، ومنعه الجمهور ؛ أي : لأنه كان مخيرا في الصوم والفطر ، فلما اختار الصوم وبيته لزمه ، وحملوا الحديث على أنه أفطر للتقوي على العدو والمشقة الحاصلة له ولهم .

                                                                                                          ( وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هو قول ابن شهاب كما في الصحيحين من طريق معمر عن الزهري ، قال الحافظ : وظاهره أنه ذهب إلى أن الصوم في السفر منسوخ ولم يوافق على ذلك ، وفي مسلم عن يونس قال ابن شهاب : وكانوا يتبعون الأحدث من أمره ويرونه الناسخ المحكم ، قال عياض : إنما يكون ناسخا إذا لم يمكن الجمع ، أو يكون الأحدث من فعله في غير هذه القصة ، أما فيها أعني قضية الصوم فليس بناسخ إلا أن يكون ابن شهاب مال إلى أن الصوم في السفر لا ينعقد كقول أهل الظاهر ، ولكنه غير معلوم عنه .

                                                                                                          وقال النووي : إنما يكون الأحدث ناسخا إذا علم كونه ناسخا أو يكون ذلك الأحدث راجحا مع جوازهما ، وإلا فقد طاف على البعير وتوضأ مرة مرة ، ومعلوم أن طواف الماشي والوضوء ثلاثا أرجح ، وإنما فعل ذلك ليدل على الجواز .

                                                                                                          وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به وتابعه الليث ويونس ومعمر وعقيل عن ابن شهاب الزهري في الصحيحين .




                                                                                                          الخدمات العلمية