الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أنه سمعه يذكر أن رجلا مر على أبي ذر بالربذة وأن أبا ذر سأله أين تريد فقال أردت الحج فقال هل نزعك غيره فقال لا قال فأتنف العمل قال الرجل فخرجت حتى قدمت مكة فمكثت ما شاء الله ثم إذا أنا بالناس منقصفين على رجل فضاغطت عليه الناس فإذا أنا بالشيخ الذي وجدت بالربذة يعني أبا ذر قال فلما رآني عرفني فقال هو الذي حدثتك

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          969 953 - ( مالك عن يحيى بن سعيد ) الأنصاري ( عن محمد بن يحيى بن حبان ) بفتح المهملة ، والموحدة الثقيلة ( أنه سمعه يذكر أن رجلا ) لم يسم ( مر على أبي ذر بالربذة ) بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة ( وأن أبا ذر سأله أين تريد ؟ فقال : أردت الحج ، فقال : هل نزعك ) بزاي ومهملة أي أخرجك ( غيره ) قال تعالى : ( ونزع يده ) ( سورة الأعراف : الآية 108 ) أي أخرجها ( فقال : لا ، قال : فائتنف العمل ) : استقبله لغفر ذنبك ، ومراده أنه إذا لم يخرج إلا للحج وحده كان أعظم لأجره .

                                                                                                          ( قال الرجل : فخرجت حتى قدمت مكة ، فمكثت ) بضم الكاف وفتحها ، أقمت ( ما شاء الله ) أن أمكث ( ثم إذا أنا بالناس منقصفين ) أي مزدحمين ( على رجل ) حتى كأن بعضهم يقصف بعضا بدارا إليه ( فضاغطت ) بضاد وغين معجمتين وطاء مهملة ، زاحمت ، وضايقت ( عليه الناس ) لأن أراه ( فإذا أنا بالشيخ الذي وجدت بالربذة ، يعني أبا ذر ، قال : فلما رآني عرفني ، فقال : هو الذي حدثتك ) قال ابن عبد البر : هذا لا يجوز أن يكون مثله رأيا ، وإنما يدرك بالتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وفيه أن الله رضي من عباده بقصد بيته مرة في عمر العبد ، ليحط أوزاره ، ويغفر ذنوبه ، ويخرج منها كيوم ولدته أمه ، كما قال في الحديث الآخر : " من حج فلم يرفث ، ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ، وقال ابن مسعود : من حج بنية صادقة ، ونفقة طيبة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه .

                                                                                                          وفيه ما كان عليه أبو ذر من الفقه والعلم .

                                                                                                          وقد سئل علي عنه ، فقال : وعاء ملئ علما عجز الناس عنه ، وأوكئ عليه ، فلم يخرج شيئا .

                                                                                                          ونظر عمر إلى ركب صادرين من الحج ، فقال : لو [ ص: 604 ] يعلم الركب ما ينقلبون به من الفضل بعد المغفرة لاتكلوا ، ولكن ليستأنفوا العمل .

                                                                                                          وسئل الثوري حين دفع الناس من عرفة إلى المزدلفة عن أخسر الناس صفقة ، وهو يعرض بالظلمة وأهل الفسق ، فقال : أخسر الناس صفقة من ظن أن الله لا يغفر لهؤلاء .




                                                                                                          الخدمات العلمية