الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجهاد باب الترغيب في الجهاد
حدثني يحيى عن مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=708057أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=7862مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع
[ ص: 3 ]
[ ص: 3 ] 21 - كتاب nindex.php?page=treesubj&link=7857الجهاد
بكسر الجيم أصله المشقة ، يقال : جهدت جهادا بلغت المشقة ، وشرعا : بذل الجهد في قتال الكفار .
nindex.php?page=treesubj&link=27390ويطلق على مجاهدة النفس بتعلم أمور الدين ثم العمل بها ثم على تعليمها ، وعلى nindex.php?page=treesubj&link=27390مجاهدة الشيطان بدفع ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات ، وعلى nindex.php?page=treesubj&link=27390مجاهدة الفساق باليد ثم اللسان ثم القلب .
وأما مجاهدة الكفار فباليد والمال واللسان والقلب ، وشرع بعد الهجرة اتفاقا .
وللعلماء قولان مشهوران : هل كان فرض عين أو كفاية ؟ وقال الماوردي : كان فرض عين على المهاجرين دون غيرهم ، ويؤيده وجوب الهجرة قبل الفتح على كل من أسلم إلى المدينة لنصر الإسلام .
وقال السهيلي : كان عينا على الأنصار دون غيرهم ، ويؤيده مبايعتهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة على أن يؤوه وينصروه ، فتخرج من قولهما أنه كان عينا على الطائفتين كفاية في حق غيرهم ، ومع ذلك فليس في حق الطائفتين على التعميم ، بل في حق الأنصار إذا طرق المدينة طارق ، وفي حق المهاجرين إذا أريد قتال أحد من الكفار ابتداء ، ويؤيد هذا ما وقع في قصة بدر وقد كان عينا في الغزوة التي يخرج فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى من عينه ولو لم يخرج .
وأما بعده ففرض كفاية على المشهور إلا أن تدعو الحاجة إليه كأن يدهم العدو ، وبتعيين الإمام ، وتتأدى الكفاية بفعله في السنة مرة عند الجمهور لأن الجزية بدل عنه ، وإنما يجب في السنة مرة اتفاقا فبدلها كذلك ، وقيل : يجب كلما أمكن وهو قوي ، قال بعضهم : والتحقيق أن جهاد الكفار متعين على كل مسلم إما بيده وإما بلسانه وإما بماله وإما بقلبه .
1 - باب nindex.php?page=treesubj&link=7860الترغيب في الجهاد
973 957 - ( مالك عن أبي الزناد ) - بكسر الزاي وخفة النون - عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج ) [ ص: 4 ] عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : مثل المجاهد في سبيل الله ) زاد البخاري عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353213والله أعلم بمن يجاهد في سبيله " أي يعقد نيته إن كانت خالصة لإعلاء كلمته فذلك المجاهد في سبيله ، وإن كان في نيته حب المال والدنيا واكتساب الذكر فقد أشرك مع سبيل الله الدنيا .
( كمثل الصائم ) نهاره ( القائم ) ليله للصلاة ( الدائم الذي لا يفتر ) بضم التاء لا يضعف ولا ينكسر ( من صلاة ولا صيام ) تطوعا ، ومن كان كذلك فأجره مستمر ، فكذلك nindex.php?page=treesubj&link=7862المجاهد لا تضيع ساعة من ساعاته بلا ثواب ( حتى يرجع ) من جهاده .
قال البوني : يحتمل أنه ضرب ذلك مثلا وإن كان أحد لا يستطيع كونه قائما مصليا لا يفتر ليلا ولا نهارا ، ويحتمل أنه أراد التكثير .
ولمسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة : كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله .
زاد النسائي من هذا الوجه : الخاشع الراكع الساجد .
قال الباجي : أحال ثواب الجهاد على الصائم القائم وإن كنا لا نعرف مقداره لما قرر الشرع من كثرته وعرف من عظمه .
قال عياض : هذا تفخيم عظيم للجهاد ; لأن الصيام وغيره مما ذكر من الفضائل قد عدلها كلها الجهاد حتى صارت جميع حالات المجاهد وتصرفاته المباحة تعدل أجر المواظب على الصلاة وغيرها ، وفيه أن الفضائل لا تدرك بالقياس وإنما هي إحسان من الله لمن شاءه ، انتهى .
ثم لا معارضة بين هذا وبين الخبر المار : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353214ألا أنبئكم بخير أعمالكم ؟ إلى أن قال : ذكر الله " ، إما لأن المراد الذكر الكامل وهو ما اجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالشكر واستحضار عظمة الرب وهذا لا يعدله شيء ، وفضل الجهاد وغيره إنما هو بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد باعتبار أحوال المخاطبين كما مر مع مزيد حسن في باب ذكر الله من أواخر الصلاة .
وقال ابن دقيق العيد : القياس يقتضي أن الجهاد أفضل الأعمال التي هي وسائل ; لأن الجهاد وسيلة إلى إعلان الدين ونشره وإخماد الكفر ودحضه ، ففضله بحسب فضل ذلك انتهى .
وأما حديث ابن عباس مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353215ما العمل في أيام أفضل منها في هذه الأيام يعني أيام عشر ذي الحجة قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد " فيحتمل أن يخص به عموم حديث الباب ، أو أنه مخصوص بمن خرج قاصدا المخاطرة بنفسه وماله فأصيب .