الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          473 475 - ( مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله قال : إنما مثل صاحب القرآن ) : أي الذي ألف تلاوته . والمصاحبة المؤالفة ، ومنه فلان صاحب فلان ، وأصحاب الجنة وأصحاب النار وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي وأصحاب الصفة وأصحاب إبل وغنم وأصحاب كنز وعبادة قاله عياض .

                                                                                                          ( كمثل صاحب الإبل المعقلة ) بضم الميم وفتح العين المهملة والقاف الثقيلة أي المشددة بالعقال ، وهو الحبل الذي يشد في رقبة البعير ( إن عاهد [ ص: 11 ] عليها أمسكها ) أي استمر إمساكه لها ( وإن أطلقها ) من عقلها ( ذهبت ) أي انفلتت ، والحصر في " إنما " حصر مخصوص بالنسبة إلى النسيان والحفظ بالتلاوة والترك شبه درس القرآن واستمرار تلاوته بربط البعير الذي يخشى منه أن يشرد ، فما دام التعاهد موجودا فالحفظ موجود ، كما أن البعير ما دام مشدودا بالعقال فهو محفوظ ، وخص الإبل بالذكر ; لأنها أشد الحيوانات الإنسية نفارا ، وفيه حض على درس القرآن وتعاهده ، وفي الصحيح مرفوعا : " تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها " . وقال ، صلى الله عليه وسلم : " من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله يوم القيامة أجوم " . أي منقطع الحجة . وقال . " عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد ، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية من القرآن أوتيها رجل ثم نسيها " . وفي الصحيحين عن ابن مسعود مرفوعا : " بئس ما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت ، بل هو نسي فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم " . قال ابن عبد البر : فكره أن يقول نسيت وأباح أن يقول أنسيت قال تعالى : ( وما أنسانيه إلا الشيطان ) ( سورة الكهف : الآية 63 ) وقال ابن عيينة : النسيان المذموم هو ترك العمل به وليس من انتهى حفظه وتفلت منه بناس له إذا عمل به ، ولو كان كذلك ما نسي ، صلى الله عليه وسلم ، شيئا منه ، قال تعالى : ( سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله ) ( سورة الأعلى : الآية 6 ، 7 ) وقال ، صلى الله عليه وسلم ، : " ذكرني هذا آية أنسيتها " . قال ابن عبد البر : وهذا معروف في لسان العرب ، قال تعالى : ( نسوا الله فنسيهم ) ( سورة التوبة : الآية 67 ) أي تركوا طاعته فترك رحمتهم ، وقال تعالى : ( فلما نسوا ما ذكروا به ) ( سورة الأنعام : الآية 44 ) أي تركوا ، والحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به .




                                                                                                          الخدمات العلمية