الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( والواجب أن يبتدئ من ارتفاع الوقف بعمارته شرط ذلك [ ص: 411 ] الواقف أو لم يشترط ) لأن قصد الواقف صرف الغلة مؤبدا ولا تبقى دائمة إلا بالعمارة فيثبت شرط العمارة اقتضاء ، ولأن الخراج بالضمان وصار كنفقة العبد الموصي بخدمته فإنها على الموصى له بها ، ثم إن كان الوقف على الفقراء لا يظفر بهم وأقرب أموالهم هذه الغلة فتجب فيها ، ولو كان الوقف على رجل بعينه وآخره للفقراء فهو في ماله أي مال شاء في حال حياته ، ولا يؤخذ من الغلة لأنه معين يمكن مطالبته ، وإنما يستحق العمارة عليه بقدر ما يبقى الموقوف على الصفة التي وقفه وإن خرب يبني على ذلك الوصف لأنها بصفتها صارت غلتها مصروفة إلى الموقوف عليه ، فأما الزيادة على ذلك فليست بمستحقة عليه والغلة مستحقة له فلا يجوز صرفها إلى شيء آخر إلا برضاه ولو كان الوقف على الفقراء فكذلك عند البعض وعند الآخرين يجوز ذلك ، والأول أصح لأن الصرف إلى العمارة ضرورة إبقاء الوقف ولا ضرورة في الزيادة . قال : ( فإن وقف دارا على سكنى ولده فالعمارة على من له السكنى ) لأن الخراج بالضمان على ما مر فصار كنفقة العبد الموصي بخدمته ( فإن امتنع من ذلك أو كان فقيرا آجرها الحاكم وعمرها بأجرتها ، وإذا عمرها ردها إلى من له السكنى ) لأن في ذلك رعاية الحقين حق الواقف وحق صاحب السكنى ، لأنه لو لم يعمرها تفوت السكنى أصلا والأول أولى ، ولا يجبر الممتنع على العمارة لما فيه من إتلاف ماله فأشبه امتناع صاحب البذر في المزارعة فلا يكون امتناعه رضا منه ببطلان حقه لأنه في حيز التردد ولا تصح إجارة من له السكنى لأنه غير مالك . قال : ( وما انهدم من بناء الوقف وآلته صرفه الحاكم في عمارة الوقف إن احتاج إليه ، وإن استغنى عنه أمسكه حتى يحتاج إلى عمارته فيصرفه فيهما ) لأنه لا بد من العمارة ليبقى على التأبيد ، فيحصل مقصود الواقف ، فإن مست الحاجة إليه في الحال صرفها فيها وإلا أمسكها حتى لا يتعذر عليه ذلك أوان الحاجة فيبطل المقصود ، وإن تعذر إعادة عينه إلى موضعه بيع وصرف [ ص: 412 ] ثمنه إلى المرمة صرفا للبدل إلى مصرف المبدل ( ولا يجوز أن يقسمه ) يعني النقض ( بين مستحقي الوقف ) لأنه جزء من العين ، ولا حق للموقوف عليهم فيه وإنما حقهم في المنافع والعين حق الله تعالى فلا يصرف إليهم غير حقهم . .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية