الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو ارتد فحال الحول على غنمه أوقفته ، فإن تاب أخذت صدقتها وإن قتل كانت فيئا خمسها لأهل الخمس وأربعة أخماسها لأهل الفيء " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ارتد رب المال عن الإسلام فله حالان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون بعد الحول .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون قبله . فإن كانت ردته بعد الحول فالزكاة عليه واجبة ، سواء مات أو قتل ، وسواء قيل : إن إمكان الأداء من شرائط الضمان أو من شرائط الوجوب ، وإن كانت ردته قبل الحول ، ثم بقي مرتدا حتى حال الحول ففيه قولان منصوصان وقول ثالث مختلف في تخريجه ، وكل ذلك بناء على ملكه هل يكون ثابتا أو موقوفا ، أو زائلا ؟ فأحد الأقاويل وهو المنصوص عليه في هذا الموضع : أن ملكه موقوف ، فإن عاد إلى الإسلام أخذت منه الزكاة ، وإن قتل مرتدا أو مات كان ماله فيئا لأهل الفيء . والقول الثاني : أن ملكه ثابت فإذا حال حوله أخذت زكاته سواء تاب أو قتل .

                                                                                                                                            فأما القول الثالث : وهو زوال ملكه فقد اختلف أصحابنا في تخريجه ، لاختلافهم في تأويل لفظة ذكرها الشافعي في كتاب التدبير فقال : " لأن ملكه خارج عنه " فكان أبو العباس يقول : معناه إنه خارج من تصرفه ، ويمتنع من تخريج قول ثالث ، وكان أبو إسحاق المروزي يقول : " إن معناه أنه خارج عن ملكه " ويخرج قولا ثالثا : أن ملكه زائل فعلى هذا لا زكاة عليه . وقد بطل حكم ما مضى من الحول ، فإن عاد إلى الإسلام وتاب ، استأنف حولا . وسنذكر توجيه الأقاويل في موضعه إن شاء الله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية