الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : بطلان البيع إذا أخرجت الزكاة على ما مضى فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون البائع قد أخرج الزكاة من ماله ، فإن قلنا إن الزكاة وجبت في الذمة فالبيع صحيح في الكل ، ولا خيار للمشترى لسلامة البيع ، وإن قلنا إن الزكاة وجبت في العين وجوب استحقاق ، فهو كالضرب الثاني .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يخرج الزكاة من عين المال ونفس المبيع فالبيع في قدر ما خرج في الزكاة باطل ، فأما الباقي فهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون متماثل الأجزاء كالفضة والذهب ، فالبيع فيه جائز قولا واحدا : لأن العقد وقع صحيحا ، ولما بطل البيع في قدر الزكاة بمعنى طارئ بعد سلامة العقد ، فلم يقدح ذاك في بيع ما بقي ، هذا قول جمهور أصحابنا والمعول عليه في المذهب ، فعلى هذا يكون المشتري بالخيار لأجل النقص الطارئ من فسخ البيع والإقامة عليه ، فإن أقام ، فالصحيح أنه يقيم هاهنا بحساب الثمن وقسطه ، ومن أصحابنا من خرج قولا ثانيا وهو أنه يقيم لجميع الثمن ، وإلا فسخ ، وليس بصحيح .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون البيع غير متماثل الأجزاء كالماشية فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تكون مختلفة الأسباب بعضها صغارا وبعضها كبارا أو مختلفة الأوصاف بعضها سمانا وبعضها عجافا فالبيع في الكل باطل ، من جهة تفريق الصفقة ولكن للجهل بما استقر عليه العقد .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون متساوية الأسنان متقاربة الأوصاف ، ففي بطلان البيع وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 327 ] أحدهما : باطل لما ذكرنا من الجهل بما استقر عليه العقد .

                                                                                                                                            والثاني : جائز تشبيها بما تماثلت أجزاؤه لتقارب بعضه من بعض ، ومن أصحابنا من بنى بطلان البيع في الباقي على تفريق الصفقة فليس بصحيح : لأن ما طرأ من الفساد بعد العقد مخالف لحكم ما كان موجودا حال العقد وما ذكرت أصح إن شاء الله ، وإذا صح البيع في الباقي فللمشتري الخيار في فسخ البيع وإمضائه ، فإن أمضاه فعلى قولين : أحدهما : بحساب الثمن وقسطه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : بجميع الثمن وإلا فسخ ، فهذا جملة ما اشتمل عليه فصول هذه المسألة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية