الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أكراه أرضا ففلس والزرع بقل في أرضه كان لصاحب الأرض أن يحاص الغرماء بقدر ما أقامت الأرض في يديه إلى أن أفلس ويقلع الزرع عن أرضه ، إلا أن يتطوع المفلس والغرماء بأن يدفعوا إليه إجارة مثل الأرض إلى أن يستحصد الزرع ؛ لأن الزارع كان غير متعد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : يجوز للمؤاجر أن يفسخ الإجارة بفلس المستأجر كما جاز ذلك للبائع ، وقال داود بن علي : يجوز فسخ البيع بالفلس ولا يجوز فسخ الإجارة بالفلس من المستأجر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل له الرجوع بسلعته في المبيع دون غيره ، وما سواه يدخل في عموم قوله تعالى : أوفوا بالعقود ، وهذا خطأ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه ، ولأن المنافع تجري مجرى الأعيان ، ألا ترى أنها تضمن في العقد الصحيح بالمسمى وفي الفاسد بالمثل ، فلما أوجب الفلس استرجاع ما تضمنه العقد إذا كان عينا فوجب استرجاعه إذا كان منفعة ، ولأن عقد الإجارة ليس بأوكد من عقد البيع لأن البيع يملك به الرقبة والمنفعة ، فلما جاز فسخ البيع بالفلس فأولى أن يجوز فسخ الإجارة بالفلس ، ولأن ما تضمنه عقد الإجارة من المنافع ليست موجودة في الحال ، وإنما تحدث حالا بعد حال ، وما تضمنه عقد البيع موجود في الحال ، فلما جاز بالفلس فسخ العقد على موجود في الحال فأولى أن يجوز في فسخ ما ليس بموجود إلا في ثاني الحال ، وما استدلوا به من العموم فمخصوص بما ذكرنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية