الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا كان الوقف على جهة ، كالفقراء ، وعلى المسجد ، والرباط ، لم يشترط القبول . ولو قال : جعلت هذا للمسجد ، فهو تمليك لا وقف ، فيشترط قبول القيم ، وقبضه كما لو وهب شيئا لصبي .

                                                                                                                                                                        وإن كان الوقف على شخص ، أو جماعة معينين ، فوجهان . أصحهما عند الإمام وآخرين : اشتراط القبول .

                                                                                                                                                                        فعلى هذا ، فليكن متصلا بالإيجاب كما في البيع ، والهبة .

                                                                                                                                                                        والثاني : لا يشترط كالعتق ، وبه قطع البغوي ، والروياني . قال الروياني : لا يحتاج لزوم الوقف إلى القبول ، لكن لا يملك عليه إلا بالاختيار ، ويكفي الأخذ دليلا على الاختيار .

                                                                                                                                                                        وخص المتولي الوجهين بقولنا : ينتقل الملك في الموقوف إلى الموقوف عليه ، وإلا فلا يشترط قطعا .

                                                                                                                                                                        قلت : صحح الرافعي في " المحرر " الاشتراط ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وسواء شرطنا القبول أم لا ، لو رده بطل حقه كالوصية ، والوكالة وشذ [ ص: 325 ] البغوي فقال : لا يبطل بالرد كالعتق . فعلى الصحيح : لو رد ثم رجع ، قال الروياني : إن رجع قبل حكم الحاكم برده إلى غيره كان له . وإن حكم به لغيره بطل حقه . هذا في البطن الأول ، أما البطن الثاني والثالث : فنقل الإمام ، والغزالي ، أنه لا يشترط قبوله قطعا ، لأن استحقاقهم لا يتصل بالإيجاب ، ونقلا في ارتداده بردهم وجهين ، لأن الوقف قد ثبت ولزم فيبعد انقطاعه ، وأجرى المتولي الخلاف في اشتراط قبولهم ، وارتداده بردهم بناء على أنهم يتلقون الحق من الواقف ، أم من البطن الأول ؟ إن قلنا بالأول ، فقبولهم وردهم كقبول الأولين وردهم ، وإلا فلا يعتبر قبولهم ، وردهم كالميراث ، وهذا أحسن ، ولا يبعد أن لا يتصل الاستحقاق بالإيجاب مع اشتراط القبول ، كما في الوصية .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية