الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          " من عذاب جهنم " .

                                                                                                                          " جهنم " : لا تنصرف للمعرفة والتأنيث ، قاله الجوهري ، وقال : هي من أسماء النار التي يعذب الله بها عباده ، ويقال : هو فارسي معرب ، وقال ابن الجواليقي : وقيل [ إنه ] عربي .

                                                                                                                          " ومن فتنة المحيا والممات " .

                                                                                                                          أصل الفتنة : الاختبار ، ثم استعملت فيما أخرجه الاختبار إلى المكروه ، ثم استعملت في المكروه فجاءت بمعنى الكفر في قوله تعالى : والفتنة أكبر من القتل [ البقرة 217 ] وبمعنى الإثم كقوله تعالى : ألا في الفتنة سقطوا [ التوبة 49 ] وبمعنى الإحراق كقوله تعالى : [ ص: 83 ] إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ومنه : " أعوذ بك من فتنة النار " . وبمعنى الإزالة والصرف كقوله تعالى : وإن كادوا ليفتنونك [ الإسراء 73 ] والمحيا والممات : مفعل من الحياة والموت ، تقع على المصدر والزمان والمكان . وفتنة المحيا كثيرة ، وفتنة الممات : فتنة القبر وقيل : عند الاحتضار والجمع بين فتنة المحيا والممات وفتنة الدجال وعذاب القبر ، من باب ذكر الخاص مع العام ونظائره كثيرة .

                                                                                                                          " ومن فتنة المسيح الدجال " .

                                                                                                                          المسيح اثنان : نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام والدجال ، ولم يختلف في ضبط المسيح عيسى على ما هو في القرآن ، وإنما اختلف في معناه ، فقيل : سمي مسيحا لمسحه الأرض ، فعيل بمعنى فاعل ، وقيل : لأنه كان إذا مسح ذا عاهة برئ من دائه وقيل : لأنه كان ممسوح القدم لا أخمص له وقيل : لأن الله تعالى مسحه ؛ أي خلقه خلقا . والمسحة : الجمال والحسن . وقيل : لأن زكريا مسحه عند ولادته . وقيل : لأنه خرج ممسوحا بالدهن . وقيل : بل المسيح بمعنى الصديق . وأما الدجال فهو مثل المسيح عيسى في اللفظ عن عامة أهل المعرفة والرواية . وعن أبي مروان سراج وغيره كسر الميم مع تشديد السين وأنكره الهروي وجعله تصحيفا ، وقال بعضهم كسر الميم للتفرقة بينه وبين عيسى عليه السلام . وقال الحربي : بعضهم يكسرها في الدجال ويفتحها وكل سواء . وقال أبو الهيثم : والمسيح بالحاء المهملة ضد المسيخ بالخاء المعجمة ، مسحه الله إذا خلقه خلقا حسنا ، ومسخ الدجال إذ خلقه ملعونا . وقال أبو عبيد : المسيح الممسوح العين وبه سمي الدجال . وقال غيره : لمسحه الأرض فهو بمعنى فاعل . وقيل : المسيح الأعور وبه سمي الدجال . وقيل : أصله مشيح فيهما فعرب . وعلى هذا [ ص: 84 ] اللفظ ينطق به العبرانيون . والدجال سمي دجالا من الدجل وهو طلي البعير بالقطران فسمي بذلك لتمويهه بباطله . وقيل : من التغطية ، ويقال : الدجال في اللغة الكذاب . وقيل : سمي بذلك لضربه نواحي الأرض وقطعه لها ، ودجل ودجل : إذا فعل ذلك كله عن القاضي عياض رحمه الله تعالى .

                                                                                                                          " وإن دعا بما ورد في الأخبار فلا بأس " .

                                                                                                                          الأخبار : جمع خبر ، قال المصنف رحمه الله في " المغني " : وقول الخرقي بما ذكر في الأخبار يعني : أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية