الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب التشبيه في ميراث الأولاد ( قال رضي الله عنه ) ويسمى هذا باب التفويض وباب ترتيب الأنساب واعلم بأن الصحابة رضي الله عنهم لم يتكلموا في جنس مسائل هذا الباب ، وإنما ذكر المتأخرون رحمهم الله في ذلك لتسجيد الخواطر فنقول إنك تسأل عن ثلاثة بنات ابن بعضهن أسفل من بعض فالأصل في تخريج الجواب ما قدمنا أن ابنة الابن تقوم مقام ابنة الصلب عند عدمها وابنة ابن الابن تقوم مقام ابنة الابن عند عدمها ، ثم صورة هذه المسألة أن العليا منهن ابنة الابن والوسطى ابنة ابن الابن والسفلى ابنة ابن ابن الابن فيكون للعليا النصف لأنها قائمة مقام ابنة الصلب والوسطى السدس تكملة الثلثين ، ولا شيء للسفلى فإن كان مع واحدة منهن غلام قلت إن كان الغلام مع العليا فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن كان مع الوسطى فللعليا النصف والباقي بين الغلام والوسطى للذكر مثل حظ الأنثيين ولا شيء للسفلى لأن الذكر لا يعصب من دونه بدرجة ، وإن كان الغلام مع السفلى فللعليا النصف وللوسطى السدس تكملة الثلثين والباقي بين السفلى والغلام للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كان مع العليا جدها أب أبيها فقل هذا الميت ذكر أم أنثى فإن كان الميت ذكرا فالسؤال محال لأن أب الأب أب أب العليا وهو الميت نفسه ، وإن كان الميت امرأة فالسؤال صحيح وهذه امرأة ماتت وتركت زوجها وثلاث بنات ابن فيكون للزوج الربع وللعليا النصف وللوسطى السدس فإن قيل لم يذكر في السؤال قيام الزوجية بينهما عند الموت فكيف يورثه قلنا قد ذكر ذلك إشارة بذكره إياه في جملة الورثة مع أنا عرفنا أن الزوجية بينهما ، وما عرف ثبوته فالأصل بقاؤه حتى يقوم دليل الزوال فإن كان مع العليا جدتها أم أبيها قلنا إن كان الميت امرأة فالسؤال محال لأن أم أب العليا هي الميتة نفسها .

وإن كان الميت ذكرا فالسؤال مستقيم وأم أب العليا زوجة الميت فيكون لها الثمن ولابنة الابن النصف ولابنة ابن الابن السدس تكملة الثلثين ، وإن كان مع العليا عمها فنقول عم العليا ابن الميت فالمال كله له وإن كان مع العليا عمتها فعمة العليا ابنة الميت [ ص: 150 ] فلها النصف وللعليا السدس ، وإن كان مع العليا عم ابنها فعم ابنها أخ الميت فيكون للعليا النصف وللوسطى السدس والباقي للأخ ، وإن كان مع العليا عمة ابنها فعمة ابنها أخت الميت فللعليا النصف وللوسطى السدس والباقي للأخت فإن الأخوات مع البنات عصبة فإن كان مع العليا ثلاثة أعمام متفرقين فنقول إن كان الميت ذكرا فالمال بين عم العليا لأب وأم وعمها لأب نصفان ، ولا شيء لعمها لأمها لأن عمها لأم ابن امرأة الميت ، وإن كان الميت امرأة فالمال بين عم العليا لأب وأم وعمها لأم نصفان لأنهما ابنا الميت ، ولا شيء لعمهما لأب لأنه ابن زوج الميت ، وإن كان مع العليا ثلاث عمات متفرقات فهو كذلك إن كان الميت رجلا فعمة العليا لأب وأم وعمتها لأم ابنتا الميت فلهما الثلثان ، وإن كان مع العليا ثلاث إخوة متفرقين فالمال بينها وبين أختها لأب وأم وأختها لأب للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولا شيء لأختها لأم لأنها ابنة امرأة ابن الميت ، وإن كان مع العليا ثلاث أخوات متفرقات فأخوتها لأبيها وأمها وأختها لأبيها في درجتها فيكون لهم الثلثان ولا شيء لأختها لأمها لأنها ابنة ابن امرأة ابن الميت ويستوي في هذا الفصل إن كان الميت ذكرا ، أو أنثى فإن كان ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن بعضهن أسفل من بعض فنقول العليا من الفريق الثاني في درجة الوسطى من الفريق الأول والوسطى من الفريق الثاني في درجة السفلى من الفريق الأول فيكون للعليا من الفريق الأول النصف وللوسطى من الفريق الأول والعليا من الفريق الثاني السدس تكملة الثلثين ولا شيء لمن سواهن فإن كان مع الوسطى من الفريق الثاني غلام فالباقي بين السفلى من الفريق الأول والوسطى من الفريق الثاني والغلام للذكر مثل حظ الأنثيين ولا شيء للسفلى من الفريق الثاني .

وإن كان الغلام مع السفلى من الفريق الثاني فالباقي بين الغلام وبين من بقي منهن للذكر مثل حظ الأنثيين لما بينا أن الغلام كما يعصب من في درجته يعصب من هو فوقه بدرجة إذا لم يستحق شيئا بالفريضة ، وإن كان الغلام مع العليا من الفريق الثاني فللعليا من الفريق الأول النصف والباقي بين الوسطى من الفريق الأول والعليا من الفريق الثاني والغلام للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كان الغلام مع العليا من الفريق الأول فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين وإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض ومع العليا ثلاث بني أعمام متفرقين فالمال بين العليا وبين ابن عمها لأب وأم وبين ابن عمها لأب للذكر مثل حظ الأنثيين لأن ابن عمها في درجة ابن ابن الميت رجلا كان [ ص: 151 ] أو امرأة فإن كان مع العليا ثلاث بنات أعمام متفرقين فللعليا ، وما يكون من هذا الجنس فطريق تخريجه ما بينا ويتصل بهذا الباب مسائل المعاياة ومتشابه الأنساب ، ولكن أورد محمد رحمه الله لذلك بابا في آخر الكتاب فيؤخر البيان إلى ذلك الموضع ليكون أسهل والله أعلم بالصواب . .

التالي السابق


الخدمات العلمية