الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 5 ] أبو الزناد عبد الله بن ذكوان

قال أبو عمر : أبو الزناد لقب غلب عليه ، وكنيته أبو عبد الرحمن ، لا يختلفون في ذلك ، وهو عبد الله بن ذكوان ، وذكوان أبوه مولى رملة ابنة شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ، وكانت رملة هذه تحت عثمان بن عفان ، وقيل : هو مولى عائشة بنت عثمان ، وقيل : مولى عثمان ، ويقال : إن ذكوان أبا أبي الزناد كان أخا أبي لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب - بولادة العجم - ، هكذا قال الواقدي ، ومصعب الزبيري ، والطبري .

وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، قال : أخبرنا أحمد بن سعيد ، قال : أخبرنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح ، قال : قال أبي : أبو الزناد من رهط أبي لؤلؤة ، كانت بينهم قرابة ، قال : وكان أحد مفتي أهل المدينة ، حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا [ ص: 6 ] أحمد بن زهير ، حدثنا مصعب بن عبد الله ، قال : كان أبو الزناد فقيه أهل المدينة ، وكان صاحب كتاب وحساب ، وكان كاتبا لعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، وكاتبا أيضا لخالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم بالمدينة ، قال : وقدم على هشام بن عبد الملك بحساب ديوان المدينة ، فجالس هشاما مع ابن شهاب ، فسأل هشام ابن شهاب في أي شهر كان عثمان يخرج العطاء فيه لأهل المدينة ؟ فقال : لا أدري ، فقال أبو الزناد : كنا نرى أن ابن شهاب لا يسأل عن شيء إلا وجد عنده علمه ، قال أبو الزناد : فسألني هشام ، فقلت : في المحرم ، قال هشام لابن شهاب : يا أبا بكر ، هذا علم قد أفدته اليوم ، فقال ابن شهاب : مجلس أمير المؤمنين أهل أن يفاد منه العلم ، قال مصعب : وكان أبو الزناد معاديا لربيعة بن أبي عبد الرحمن ، قال : وكان أبو الزناد وربيعة فقيهي أهل المدينة في زمانهما ، وذكر الحلواني في كتاب المعرفة ، عن ابن أبي مريم ، عن الليث ، عن عبد ربه بن سعيد ، قال : رأيت أبا الزناد دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 7 ] ومعه من الأتباع مثل ما مع السلطان ، من بين سائل عن حديث ، وبين سائل عن فقه ، وبين سائل عن فريضة ، وبين سائل عن شعر ، قال : وحدثنا علي بن المديني ، حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : سألت سفيان الثوري ، قلت له : كيف رأيت أبا الزناد ؟ قال : أوكان ثم أمير غيره ؟ .

حدثنا خلف بن القاسم ، حدثنا أبو الميمون ، حدثنا أبو زرعة ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : أبو الزناد أعلم من ربيعة ، فقلت لأحمد : حديث ربيعة كيف هو ؟ قال : ثقة ، وأبو الزناد أعلم منه .

وحدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : ولى عمر بن عبد العزيز أبا الزناد بيت مال الكوفة .

وحدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير حدثني أبي ، حدثنا ابن عيينة ، عن ابن شبرمة ، قال : كان الشعبي يقول لأبي الزناد : جئت بها زيوفا وتذهب بها جيادا ، وقال المدائني : كان خالد بن عبد الملك بن الحارث بن [ ص: 8 ] الحكم قد ولى أبا الزناد المدينة ، فقال علي بن الجون الغطفاني :


رأيت الخير عاش لنا فعشنا وأحياني مكان أبي الزناد     وسار بسيرة العمرين فينا
بعدل في الحكومة واقتصاد

وقال الواقدي : سمعت مالك بن أنس يقول : كانت لأبي الزناد حلقة على حدة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال الواقدي : مات أبو الزناد فجأة في مغتسله ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثلاثين ومائة ، وهو ابن ست وستين ، وقيل : توفي أبو الزناد سنة إحدى وثلاثين ومائة وهو ابن أربع وستين .

وقال الطبري : كان أبو الزناد ثقة كثير الحديث ، فصيحا بصيرا بالعربية ، كاتبا ، حاسبا ، فقيها عالما ، عاقلا ، وقد ولي خراج المدينة .

قال أبو عمر : لمالك عنه في الموطأ أربعة وخمسون حديثا مسندة ثابتة صحاح متصلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية