الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثاني : في بيان حكم الإجارة في الأمانة والضمان . مال الإجارة ، تارة يكون في يد المستأجر ، وتارة في يد الأجير على العمل . وأما المستأجر ، ففيه مسألتان . إحداهما : يده على الدابة والدار المستأجرتين ونحوهما في مدة الإجارة يد أمانة ، فلا يضمن ما تلف منها بغير تعد وتقصير وهل يضمن ما يتلف في يده بعد مضي المدة ؟ يبنى على أنه هل على المستأجر الرد ومؤنته ؟ وفيه وجهان . أصحهما عند الغزالي : لا ، وإنما عليه التخلية بين المالك وبينها إذا طلب ، لأنه أمانة فأشبه الوديعة . وأقربهما إلى كلام الشافعي - رضي الله عنه - : يلزمه الرد ومؤنته وإن لم يطلب المالك ، لأنه غير مأذون في الإمساك بعد المدة ، ولأنه أخذ لمنفعة نفسه ، فأشبه المستعير . قال القاضي أبو الطيب : ولو شرط عليه الرد ، لزمه بلا خلاف ، ومنعه ابن الصباغ وقال : من لا يوجبه عليه ، ينبغي أن لا يجوز شرطه . فإن قلنا : لا يلزمه الرد ، فلا ضمان . وإن قلنا : يلزمه الرد ، لزمه الضمان ، إلا أن يكون الإمساك بعذر .

                                                                                                                                                                        قلت : صحح الرافعي في المحرر أنه لا ضمان . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ويترتب على الوجهين ، ضمانه أجرة المنافع التي تتلف في يده بعد المدة . فإن ألزمناه الرد ، ضمناه ، وإلا ، فلا .

                                                                                                                                                                        [ ص: 227 ] قلت : وفي فتاوى الغزالي ، القطع بأن الإجارة إذا انفسخت بسبب ، لا يلزم المستأجر ضمان المنافع التالفة عنده ، لأنه أمين ، وهذا محمول على ما إذا علم المالك بأنها انفسخت ، وإلا ، فيجب أن يعلمه . وإذا لم يعلمه ، كان مقصرا ضامنا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو غصبت الدابة المستأجرة مع دواب الرفقة ، فذهب بعضهم في الطلب ، ولم يذهب المستأجر ، فإن قلنا : لا يلزمه الرد ، فلا ضمان عليه . وإن ألزمناه ، فإن استرد من ذهب بلا مشقة ولا غرامة ، ضمن المستأجر المتخلف . وإن لحقه غرامة ومشقة ، لم يضمن ، قاله الشيخ أبو عاصم العبادي .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو استأجر قدرا مدة ليطبخ فيها ، ثم حملها بعد المدة ليردها ، فسقط الحمار فانكسرت ، قال أبو عاصم : إن كان لا يستقل بحملها ، فلا ضمان . وإن كان يستقل ، فعليه الضمان ، سواء ألزمناه الرد ، أم لا ، لأن العادة أن القدر لا ترد بالحمار مع استقلال المستأجر أو حمال بها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية