الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في العتق بالبعضية إذا ( ملك ) ولو قهرا [ ص: 367 ] ( أهل تبرع أصله ) من النسب ، وإن علا الذكور ، والإناث ( أو فرعه ) ، وإن سفل كذلك ( عتق ) عليه إجماعا إلا داود الظاهري ، ولا حجة له في خبر مسلم { لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه } ؛ لأن الضمير راجع للشراء المفهوم من يشتريه لرواية فيعتق عليه . والولد كالوالد بجامع البعضية ، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم : { فاطمة بضعة مني } ، أما بقية الأقارب فلا يعتقون بذلك . وخبر { من ملك ذا رحم محرم فقد عتق عليه } ضعيف . وخرج بأهل تبرع ، والمراد به الحر كله ، ولا يصح الاحتراز عن الصبي ، والمجنون ؛ لما يأتي أنهما إذا ملكاه عتق عليهما وكذا من عليه دين مستغرق كما علم مما مر . مكاتب ملكه بنحو هبة ، وهو يكسب مؤنته فله قبوله فيملكه ، ولا يعتق عليه لئلا يكون الولاء له وهو محال . ومبعض ملكه ببعضه الحر لتضمن العتق عنه الإرث ، والولاء وليس من أهلهما وإنما عتقت أم ولد المبعض بموته ؛ لأنه حينئذ أهل للولاء لانقطاع الرق بالموت وما لو ملك ابن أخيه فمات وعليه دين مستغرق وورثه أخوه فقط وقلنا بالأصح أن الدين لا يمنع الإرث فقد ملك ابنه ولم يعتق عليه ؛ لأنه ليس أهلا للتبرع فيه ؛ لتعلق حق الغير به ، وقد يملكه أهل التبرع ، ولا يعتق في صور ذكرها شارح ، ولا تخلو عن نظر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل في العتق بالبعضية )



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في العتق بالبعضية )

                                                                                                                              ( قوله : في العتق ) إلى قوله : وقد يملكه في المغني إلا قوله : إجماعا وقوله : والوالد [ ص: 367 ] إلى وخبر من ملك وقوله : وكذا إلى مكاتب وإلى قول المتن : ولو وهب لعبد في النهاية إلا قوله : ملكه بنحو هبة إلى ومبعض وقوله : وكذا يصح شراء إلى المتن . ( قوله : من النسب ) عبارة المغني أصله ، أو فرعه الثابت النسب ، ثم قال وخرج بقولنا : الثابت النسب ما لو ولدت المزني بها ولدا ، ثم ملكه الزاني لم يعتق عليه وخرج أصله وفرعه من الرضاع فإنه لا يعتق عليه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كذلك ) أي : الذكور والإناث من النسب . ( قول المتن : عتق ) أي : اتحد دينهما أو لا مغني وأسنى . ( قوله : : إجماعا إلخ ) عبارة المغني : أما الأصول فلقوله تعالى { : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } ، ولا يتأتى خفض الجناح من الاسترقاق ولما في صحيح مسلم { لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه } أي فيعتقه الشراء لا أن الولد هو المعتق بإنشائه العتق كما فهمه داود الظاهري بدليل رواية فيعتق عليه ، وأما الفروع فلقوله تعالى { : وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا } وقال تعالى { : وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون } دل على نفي اجتماع الولدية والعبدية . ا هـ . وهي سالمة عن إشكال الرشيدي بما نصه : قوله : إجماعا إلا داود الظاهري قد يقال : إن كان خلاف داود إنما جاء بعد انعقاد الإجماع فهو خارق للإجماع فيكفي في دفعه خرقه ولا يتأتى الاستثناء ، وإن كان خلافه قبل انعقاد الإجماع فلا إجماع . ا هـ . وإن أمكن الجواب عنه باختيار الثاني ومنع قوله : فلا إجماع بقول جمع الجوامع مع شرحه : وعلم أن اتفاقهم أي : المجتهدين في عصر على أحد القولين لهم قبل استقرار الخلاف بينهم بأن قصر الزمان بين الاختلاف والاتفاق جائز ولو كان الاتفاق من الحادث بعدهم بأن ماتوا ونشأ غيرهم . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأن الضمير ) أي : المستتر في فيعتقه . ( قوله : للشراء إلخ ) أي : لا للولد المشتري كما فهمه داود الظاهري . ( قوله : والولد كالوالد إلخ ) فيه أنه لم يقدم دليلا مستقلا في الوالد حتى يقيس عليه الولد وخبر مسلم إنما جاء في مقام الرد على تمسك داود به لا للاستدلال وهو إنما استدل بالإجماع لا غير رشيدي أي : والإجماع دليل لكل من الأصل والفرع ولك أن تقول : إن سوق خبر مسلم للرد المذكور الصريح في الدلالة على مسألة الوالد مغن عن إعادته ثانيا للاستدلال عليها بل تعد تكرارا . ( قوله : بضعة ) بفتح الباء ع ش ورشيدي . ( قوله : بذلك ) أي : الملك مغني . ( قوله : ضعيف ) بل قال النسائي : إنه منكر والترمذي : إنه خطأ وقال أبو حنيفة وأحمد بعتق كل قريب ذي رحم محرم وقال مالك بعتق السبعة المذكورين في آية الميراث وقال الأوزاعي بعتق كل قريب محرما كان ، أو غيره مغني ( قوله : والمراد به الحر كله ) أي حيث لم يعتق بالرقيق حق الغير بدليل قوله الآتي : وما لو ملك ابن أخيه إلخ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يصح الاحتراز ) أي بأهل تبرع . ( قوله : لما يأتي ) أي آنفا في قول المصنف : ولو وهب له ، أو أوصى له إلخ ( قوله : عتق عليهما ) ولو اشترى الحر زوجته الحامل منه عتق عليه الحمل كما قاله الزركشي ولو اشتراها في مرض موته ، ثم انفصل قبل موته أو بعده لم يرث أي : لأن عتقه حينئذ وصية وسيأتي الكلام على ذلك مغني عبارة ع ش . ( فرع )

                                                                                                                              لو ملك زوجته الحامل منه الظاهر أن الحمل يعتق فلو اطلع على عيب امتنع الرد فيما يظهر ووجب له الأرش . ا هـ . ( قوله : وكذا من عليه إلخ ) أي : يعتق عليه بعضه إذا ملكه كالصبي والمجنون . ( قوله : مما مر ) أي عن قريب بقول المصنف ولا يمنع السراية دين مستغرق في الأظهر . ( قوله : مكاتب ) فاعل خرج . ( قوله : بنحو هبة ) أي : كالوصية مغني . ( قوله : مبعض ) عطف على مكاتب ( قوله : لانقطاع الرق إلخ ) أي : زوال آثاره ع ش . ( قوله : وما لو ملك إلخ ) معطوف على المكاتب والمبعض رشيدي . ( قوله : فمات ) أي : مالك ابن أخيه . ( قوله : ذكرها شارح ) أقره المغني عبارته : وأورد على المصنف صور منها مسائل المريض الآتية ومنها ما لو وكله في شراء عبد فاشترى من يعتق على موكله وكان معيبا فإنه لا يعتق عليه قبل رضاه بعينه . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية