الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا

                                                                                                          قال يحيى قال مالك الأمر عندنا في الرجل تجب عليه الصدقة وإبله مائة بعير فلا يأتيه الساعي حتى تجب عليه صدقة أخرى فيأتيه المصدق وقد هلكت إبله إلا خمس ذود قال مالك يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا على رب المال شاتين في كل عام شاة لأن الصدقة إنما تجب على رب المال يوم يصدق ماله فإن هلكت ماشيته أو نمت فإنما يصدق المصدق زكاة ما يجد يوم يصدق وإن تظاهرت على رب المال صدقات غير واحدة فليس عليه أن يصدق إلا ما وجد المصدق عنده فإن هلكت ماشيته أو وجبت عليه فيها صدقات فلم يؤخذ منه شيء حتى هلكت ماشيته كلها أو صارت إلى ما لا تجب فيه الصدقة فإنه لا صدقة عليه ولا ضمان فيما هلك أو مضى من السنين [ ص: 181 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 181 ] 15 - باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا

                                                                                                          ( قال مالك : الأمر عندنا في الرجل تجب عليه الصدقة وإبله مائة بعير فلا يأتيه الساعي حتى يجب عليه صدقة أخرى فيأتيه المصدق ) الساعي ( وقد هلكت إبله إلا خمس ذود يأخذ المصدق ) بخفة الصاد ( من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا على رب المال شاتين في كل عام شاة ; لأن الصدقة إنما تجب على رب المال يوم يصدق ماله ) أي يزكيه ، وشرط الوجوب مجيء الساعي إن كان ، فلا ضمان عليه فيما تلف لانعدام شرط الوجوب ، سواء تلفت بأمر من السماء أو أتلفها قصد الفرار عند مالك وأصحابه ، وقال أبو حنيفة : إن أتلفها هو ضمن ، وقال الشافعي مرة : مجيء الساعي شرط وجوب ، ومرة : شرط في الضمان ، قال سحنون : فإن لم يكن ساع وجبت عليه كل حول ; لأنه ساعي نفسه . ( فإن هلكت ماشيته أو نمت ) زادت ( فإنما يصدق المصدق ) يأخذ الساعي ( زكاة ما يجد يوم يصدق ، وإن تظاهرت على رب المال صدقات غير واحدة ) أي أكثر منها ( فليس عليه أن يصدق ) يزكي ( إلا ما وجد المصدق ) الساعي ( عنده فإن هلكت ماشيته أو وجبت عليه فيها صدقات ) متعددة لو كان الساعي يأتي كل عام ، ففي إطلاق الوجوب تجوز ( فلم يؤخذ منه شيء حتى هلكت ماشيته كلها أو صارت إلى ما لا تجب فيه الصدقة ) بنقصها عن النصاب ( فإنه لا صدقة عليه ولا ضمان فيما هلك أو مضى من السنين ) سواء كان الهلاك بسماوي [ ص: 182 ] أو إتلافه إياها بدون قصد الفرار ، وأصل هذه المسألة فصلان : هل الزكاة متعلقة بالذمة أو بالعين ؟ ، وهل مجيء الساعي شرط وجوب أم لا ؟ والمذهب أنها إنما تجب بمجيء الساعي ، وأنها متعلقة بالعين ، أشار إليه الباجي .




                                                                                                          الخدمات العلمية