الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ من فروع اعتبار الشرع nindex.php?page=treesubj&link=28264قصد المكلف دون الصورة ]
وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21249nindex.php?page=treesubj&link=3454_3453صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم } كيف حرم على المحرم الأكل مما صاده الحلال إذا كان قد صاده لأجله ؟ فانظر كيف أثر القصد في التحريم ولم يرفعه ظاهر الفعل ، ومن ذلك الأثر المرفوع من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة { nindex.php?page=hadith&LINKID=36042من تزوج امرأة بصداق ينوي أن لا يؤديه إليها فهو زان ، ومن ادان دينا ينوي أن لا يقضيه فهو سارق } ذكره أبو حفص بإسناده فجعل nindex.php?page=treesubj&link=28264المشتري والناكح إذا قصدا أن لا يؤديا العوض بمنزلة من استحل الفرج والمال بغير عوض ، فيكون كالزاني والسارق في المعنى وإن خالفهما في الصورة ، ويؤيد ذلك ما في صحيح البخاري مرفوعا { nindex.php?page=hadith&LINKID=35368من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفها الله } .
فهذه النصوص وأضعافها تدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=28264المقاصد تغير أحكام التصرفات من العقود وغيرها ، وأحكام الشريعة تقتضي ذلك أيضا ; فإن الرجل إذا nindex.php?page=treesubj&link=25457اشترى أو استأجر أو اقترض أو نكح ونوى أن ذلك لموكله أو لموليه كان له وإن لم يتكلم به في العقد ، وإن لم ينوه له وقع الملك للعاقد ، وكذلك لو nindex.php?page=treesubj&link=23972_23974تملك المباحات من الصيد والحشيش وغيرها ونواه لموكله وقع الملك له عند جمهور الفقهاء ، نعم لا بد في النكاح من تسمية الموكل ; لأنه معقود عليه ، فهو بمنزلة السلعة في البيع ، فافتقر العقد إلى تعيينه لذلك ، لا أنه معقود له ، وإذا كان القول والفعل الواحد يوجب الملك لمالكين مختلفين عند تغير النية ثبت أن للنية تأثيرا في العقود والتصرفات .
ومن ذلك أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=27260_27037_27038قضى عن غيره دينا أو أنفق عليه نفقة واجبة أو نحو ذلك ينوي التبرع والهبة لم يملك الرجوع بالبدل ، وإن لم ينو فله الرجوع إن كان بإذنه اتفاقا ، وإن كان بغير إذنه ففيه النزاع المعروف ; فصورة العقد واحدة ، وإنما اختلف الحكم بالنية والقصد ، ومن ذلك أن الله تعالى حرم أن nindex.php?page=treesubj&link=5517_5428يدفع الرجل إلى غيره مالا ربويا بمثله على وجه البيع إلا أن [ ص: 82 ] يتقابضا ، وجوز دفعه بمثله على وجه القرض ، وقد اشتركا في أن كلا منهما يدفع ربويا ويأخذ نظيره ، وإنما فرق بينهما القصد ; فإن مقصود المقرض إرفاق المقترض ونفعه ، وليس مقصوده المعاوضة والربح ، ولهذا كان القرض شقيق العارية كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم " منيحة الورق " فكأنه أعاره الدراهم ثم استرجعها منه ، لكن لم يمكن استرجاع العين فاسترجع المثل ، وكذلك لو باعه درهما بدرهمين كان ربا صريحا ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=23804_5428باعه إياه بدرهم ثم وهبه درهما آخر جاز ، والصورة واحدة وإنما فرق بينهما القصد ، فكيف يمكن أحدا أن يلغي القصود في العقود ولا يجعل لها اعتبارا ؟ .