الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل :

[ إبطال حيلة لتأخير رأس مال السلم ] : ومن الحيل الباطلة المحرمة إذا كان مع أحدهما دينار رديء ومع الآخر نصف دينار جيد ، فأراد بيع أحدهما بالآخر ، قال أرباب الحيل : الحيلة أن يبيعه دينارا بدينار في الذمة ، ثم يأخذ البائع الدينار الذي يريد شراءه بالنصف ، فيريد الآخر دينارا عوضه ، فيدفع إليه نصف الدينار وفاء ، ثم يستقرضه منه ، فيبقى له في ذمته نصف دينار ، ثم يعيده إليه وفاء عن قرضه ، فيبرأ منه ، ويفوز كل منهما بما كان مع الآخر .

ومثل هذه الحيلة لو أراد أن يجعل بعض رأس مال السلم دينارا يوفيه إياه في وقت آخر ، بأن يكون معه نصف دينار ويريد أن يسلم إليه دينارا في كر حنطة ، فالحيلة أن يسلم إليه دينارا غير معين ، ثم يوفيه نصف الدينار ، ثم يعود فيستقرضه منه ، ثم يوفيه إياه عما له عليه من الدين ، فيتفرقان وقد بقي له في ذمته نصف دينار .

وهذه الحيلة من أقبح الحيل ; فإنهما لا يخرجان بها عن بيع دينار بنصف دينار ، ولا عن تأخير رأس مال السلم عن مجلس العقد ، ولكن توصلا إلى ذلك بالقرض الذي جعلا صورته مبيحة لصريح الربا ، ولتأخير قبض رأس مال السلم ، وهذا غير القرض الذي جاءت به الشريعة ، وهو قرض لم يشرعه الله ، وإنما اتخذه المتعاقدان تلاعبا بحدود الله وأحكامه ، واتخاذا لآياته هزوا ، وإذا كان القرض الذي يجر النفع ربا عند صاحب الشرع ، فكيف بالقرض الذي يجر صريح الربا وتأخير قبض رأس مال السلم ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية