الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

* وأما السؤال عن الله تعالى هل أراد المعصية من خلقه أم لا؟

فالجواب: أن لفظ « الإرادة» مجمل له معنيان: فيقصد به المشيئة لما خلقه، ويقصد به المحبة والرضى لما أمر به. فإن كان مقصود السائل أنه أحب المعاصي ورضيها أو أمر بها، فلم يردها بهذا المعنى; فإن الله لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر ولا يأمر بالفحشاء، بل قد قال لما نهى عنه: كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها [الإسراء: 38].

وإن أراد أنها من جملة ما شاء الله خلقه، فالله خالق كل شيء، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يكون في الوجود إلا ما شاءه. وقد ذكر الله في موضع أنه يريدها، وفي موضع أنه لا يريدها، والمراد بالأول أنه شاءها خلقا، والثاني أنه لا يحبها ولا يرضاها ولا أمر بها، قال الله تعالى: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا [الأنعام: 125]. وقال نوح: ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم [هود: 34]. [ ص: 34 ]

وقال في الثاني: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر [البقرة: 185]. وقال: يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا [النساء: 28].

وقال: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم [المائدة: 6].

وقال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [الأحزاب: 23].

التالي السابق


الخدمات العلمية