الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

* وأما السؤال عن ملك الموت، هل يؤتى به يوم القيامة ويذبح أم لا؟

الجواب: أنه قد ثبت في الصحاح: « أنه يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيقال: يا أهل الجنة. فيشرئبون وينظرون، ويا أهل النار. فيشرئبون وينظرون، فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت. فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، وذلك قوله تعالى: وأنذرهم يوم [ ص: 57 ] الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون [مريم: 39].

ولكن هذا مما استشكله كثير من الناس، وقالوا: الموت عرض، والأعراض لا تنقلب أجساما، قالوا: لأن الأجناس لا تنقلب، فلا تنقلب الحركة طعما، والطعم لونا، ولكن الأجسام في قولهم جنس واحد، فلهذا ينقلب بعضها إلى بعض، كانقلاب الماء ملحا ورمادا، قالوا: وإنما تتبدل الأعراض، وأما الأجسام فهي مركبة عندهم من جواهر منفردة متماثلة.

وأنكر ذلك على هؤلاء غيرهم، وقال: ما ذكرتموه خطأ في المعقول والمنقول، فإن الصواب أن الأجسام أجناس مختلفة كالأعراض، وليس حقيقة الذوات كحقيقة الماء، وأن الله سبحانه يقلب الجنس إلى الجنس الآخر; كما يقلب الهواء ماء، والماء هواء، والنار هواء، والهواء نارا، والتراب ماء، والماء ترابا، وكما يقلب المني علقة، والعلقة مضغة، والمضغة عظاما، وكما يقلب الحبة شجرة، وكما يقلب ما يخرج من الشجر ثمرا. فهو سبحانه يخلق من الأعراض أجساما كما ورد بذلك النصوص في مواضع، كقوله عليه السلام: « اقرؤوا القرآن، اقرؤوا البقرة وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو [ ص: 58 ] غيايتان أو فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما».

وقال: « إن لسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، دويا عند العرش تذكر صاحبها».

وقال: « كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم».

وقد قال تعالى: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه [فاطر: 10].

وهذا باب متسع، يتسع الكلام فيه، قد بسط في موضع آخر. [ ص: 59 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية