الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

* وأما السؤال عن القرآن إذا قرأه الأحياء للأموات فأهدوه إليهم، هل يصل ثوابه سواء كان بعيدا أو قريبا؟

والجواب: أن العبادات المالية كالصدقة تصل إلى الميت باتفاق الأئمة; لأنه تدخلها النيابة بالاتفاق، وأما العبادات البدنية كالصلاة والصيام والقراءة ففيها قولان للعلماء:

أحدهما: يصل ثوابها للميت، وهذا مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه، وهو الذي ذكره الحنفية مذهبا لأبي حنيفة، واختاره طائفة من أصحاب مالك والشافعي، وقد ثبت في « الصحيح» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من مات وعليه صيام صام عنه وليه». فجعل الصيام يقبل النيابة.

ومنهم من قال: إنه لا يصل، وهو المشهور من مذهب مالك والشافعي.

ومن احتج على ذلك بقوله تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى [النجم: 39] فحجته داحضة; فإنه قد ثبت بالنص والإجماع أنه ينتفع بالدعاء له والاستغفار والصدقة والعتق وغير ذلك، فالقول في مواقع النزاع كالقول في موارد الإجماع.

وقد ذكر الناس في الآية أقاويل، أصحها أن الآية لم تنف انتفاع [ ص: 63 ] الإنسان بعمل غيره، وإنما نفت أن يستحق غير سعيه بقوله: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وهذا حق، لا يستحق إلا سعي نفسه لا سعي غيره، لكن لا يمنع ذلك أن الله تعالى يرحمه وينفعه بغير سعيه، كما يدخل أطفال المؤمنين الجنة بغير سعيهم، وكما ينشئ في الآخرة خلقا يسكنهم الجنة بغير سعيهم، وكما ينتفع الإنسان بدعاء غيره وشفاعته، وكما ينتفع بصدقة غيره، فكذلك بصيامه وقراءته وصلاته.

التالي السابق


الخدمات العلمية