الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

* وأما السؤال عن القاتل خطأ أو عمدا هل ترفع الكفارة المذكورة في القرآن ذنبه، أم يطالب بالقتل أو الدية؟

والجواب: [قتل الخطإ لا يجب فيه إلا الدية والكفارة ولا إثم فيه، [ ص: 73 ] وأما القاتل عمدا فعليه الإثم، فإذا عفا عنه أولياء المقتول أو أخذوا الدية، لم يسقط بذلك حق المقتول في الآخرة. وإذا قتلوه، ففيه نزاع في مذهب أحمد، والأظهر أن لا يسقط، لكن القاتل إذا كثرت حسناته أخذ منه بعضها ما يرضى به المقتول، أو يعوضه الله من عنده إذا تاب القاتل توبة نصوحا.

وقاتل الخطإ تجب] عليه الدية مع الكفارة بنص القرآن واتفاق الأئمة، والدية تجب للمسلم والمعاهد كما دل عليه القرآن، وهو قول السلف والأئمة، لا يعرف فيه خلاف متقدم، لكن بعض متأخري الظاهرية زعم أن الذمي لا دية له.

وأما القاتل عمدا ففيه القود، فإن اصطلحوا على الدية جاز ذلك بالنص والإجماع، وكانت الدية في مال القاتل، بخلاف الخطإ، فإن ديته على عاقلته.

وأما الكفارة فجمهور العلماء يقولون: قتل العمد أعظم من أن يكفر، وكذلك قالوا في اليمين الغموس، هذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه، كما اتفقوا كلهم على أن الزنا أعظم من [ ص: 74 ] أن يكفر، وإن وجبت الكفارة بوطء المظاهر، والوطء في رمضان، [وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: بل تجب الكفارة في العمد] واليمين الغموس. واتفقوا على أن الإثم لا يسقط بمجرد الكفارة.

التالي السابق


الخدمات العلمية