الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

* وأما السؤال عن الإمام إذا استقبل القبلة في الصلاة هل يجوز لأحد أن يتقدم عليه؟ وهل تبطل صلاة الذين يتقدمون إمامهم؟

والجواب: إن السنة للمؤتمين أن يقفوا خلف الإمام مع الإمكان، كما كان المسلمون يصلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا صلى الإمام بواحد أقامه عن يمينه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بابن عباس لما قام يصلي معه بالليل، فوقف عن يساره، فأداره عن يمينه، وحديثه في « الصحيحين». وكذلك في الصحيح -مسلم- من حديث جابر: أنه أوقفه عن يمينه، [ ص: 91 ] فلما جاء جبار بن صخر أوقفهما جميعا خلفه، فلهذا كانت السنة إذا كان المأمومون اثنين فصاعدا يقفوا خلفه. وإن وقف بين الاثنين جاز; كما وقف ابن مسعود بين علقمة والأسود وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم فعل كذلك.

وقد قيل: إنما ذاك لأن أحدهما كان صبيا.

وأما الوقوف قدام الإمام [ففي صلاة المأموم ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها تصح مطلقا، وإن قيل إنها تكره] فهذا هو المشهور في مذهب مالك، والقول القديم للشافعي.

والثاني: لا تصح الصلاة مطلقا، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي في الجديد، وهو المشهور من مذهب أحمد عند كثير من أصحابنا، على ما نقل عنه من إطلاق القول، ولكن نصوصه تدل على الفرق كما سنذكره.

والثالث: أنه إن تقدم لحاجة صحت الصلاة وإلا فلا، وهذا مذهب كثير من أهل العلم، وهو قول في مذهب أحمد. وأهل هذا القول يقولون: إذا لم يمكن الصلاة خلفه لزحمة أو غيرها -كما قد يحصل في [ ص: 92 ] الجمع في بعض الأوقات، وكما قد يحصل في الجامع أحيانا- فالصلاة أمامه جائزة، وقد نص أحمد على ما مضت به السنة في حديث أم ورقة الأنصارية: أن المرأة تؤم الرجال عند الحاجة، كقيام رمضان إذا كانت تقرأ وهم لا يقرؤون، وتقف خلفهم لأن المرأة لا تقف في صف الرجال ولا تكون أمامهم، فنص على أن المأمومين في هذا الموضع يكونون قدام الإمام كما جاء في الحديث، وذلك لئلا تكون المرأة في صف الرجال أو تكون أمامهم، فهنا كان تقدم المأموم على الإمام أولى في الشرع من تقدم النساء على الرجال أو مصافة المرأة للرجال.

التالي السابق


الخدمات العلمية